(رائحة الكافور..عطر الياسمين)…فيلم لـ(بهمان فامانارا)
مهند النابلسي/ الاردن*
يدور هذا العمل المدهش حول حياة المخرج نفسه (باهمان فارمانا) الذي يعتبر (وودي آلن) ايران بلا منافس، حيث يلعب (فارمانا) الدور الرئيسي، فهو مخرج سينمائي عاطل عن العمل، ويشعر بالألم كلما قام بحركات بسيطة، ويعاني من مرض مزمن بالقلب، ومصاب بالاحباط لتراجع المردود المادي والمعنوي لعمله الشبه متوقف. وتتفاقم حالته حين تموت زوجته، فيقوم بشراء قطعة ارض صغيرة قرب قبرها ويوصي بدفنه فيها، وتستحوذ رائحة الكافور(التي نكاد نشمها كمشاهدين)، حيث ضمخ به رائحة سرير الزوجية قبل رحيل زوجته.
كما يدخل عطر الياسمين لحياته حين يزور امه المريضة المسنة، ولدى ولادة حفيده. تثير هذه الروائح احساسه بالماضي وتوجسه من المستقبل، مما يحفزه ويعيد له اقباله وحبه للحياة، لكن الفيلم اللافت يتوقف هنا، مرسلا سحرا خاصا وروائح عطرة تسترجع رغبات الحياة وهيبة الموت ورائحته، تاركا البطل والمشاهدين بحالة محيرة غامضة. يحيط الموت ورائحته بالبطل اليائس (باهمان) المخرج الذي توقف عن الاخراج منذ أربع وعشرين عاما لتشدد ومضايقة الرقابة السينمائية، كما يكتشف بالصدفة أن شخصا ما قد دفن بجانب رفاة زوجته بالمكان المخصص له، ويسعى جاهدا للبحث عن قريبه وصديقه الذي غاب فجأة عن المنزل، ويتزامن ذلك مع اشتداد مرضه القلبي المزمن، فهل هو حقا جاهزا للموت؟!
يبدو مقتنعا تماما بأن حياته ستكون قصيرة، لذا فهو يسابق الزمن مخططا لمشروع هام ينهي به حياته المهنية الخائبة، مواجها تعنت السلطات الرقابية الصارم، وينغمس خلال ذلك ببحث تفاصيل طقوس الموت، ويقابل امرأة غامضة تورطه معها بلا قصد بأخطاء ترتكبها.
الفيلم فلسفي النكهة وبطيء الايقاع، وينغمس بثيمة الموت بطريقة مؤثرة ومبالغ بها، ويقدم عملا تجريبيا معبرا وبعض اللقطات السيريالية الآخاذة، وهو كعنوانه ذو نكهة خاصة اصلية، وربما قصد ان يقدم لنا (بورتريه) متكامل لثيمة الموت الرهيبة، بحيث تنزل ستارة الحياة وكأننا نشاهد الفصل الأخير من مسرحية الحياة.
*باحث وناقد سينمائي