(Manchester By the Sea) …موسيقى هادئة بنغمات العم (لي)
مرتضى فاضل
تدور أحداث فيلم (مانشستر بجانب البحر)، احد أعمال المخرج والسيناريست الأمريكي (كينيث لونيرجان)، حول أب يفقد أبناءه الثلاثة الصغار في حريق ضخم يتسبب فيه بلا قصد، فيفقد (لي) اولاده في حريق منزله اثناء تواجده خارجاً لجلب الاحتياجات من المتجر، لتشتعل فيه النيران، فيما يحاول رجال الإطفاء السيطرة على الحريق، وزوجته تصرخ ملتاعة، ورجال الإسعاف يجرونها جرا لمنعها من دخول المنزل المشتعل، حيث الأطفال الصغار يرقدون هناك للأبد، ليعاني حدوث العديد من المشاكل والانهيارات في حياته ويمر بمرحلة اكتئاب وحزن طويلة، يفقد فيها مرة أخرى شخصا عزيزا عليه، وهو أخوه، ويجد نفسه مسؤولا كوصي عن ابن الأخ، وسط ظروفه النفسية المعقدة والسيئة. في هذا الفيلم المحمّل بالمشاعر الكبيرة يبقي (كايسي افلك) عالقاً في الأذهان بنفس الطريقة التي استطاع فيها (توماسو البيوني) الإبقاء على حضوره، حتى بعد موته بمدة طويلة جداً واختفاء كافة أعماله، يبقى (افلك) بذاكرتنا عبر أدائه التمثيلي المدهش الذي يؤديه بجمال (أوركسترا لندن) في الفيلم المرشح لست جوائز أوسكار.
هذا الفيلم ببساطة يدور حول أكثر الأشخاص بؤساً، شخصاً جدير بالشفقة تنهال عليه لعنات الحياة وتحيط به هالة من الشؤم المتجذر في قلبه، يحيطه السواد من كل ناحية فالموت من جانب والفقد من جانب والهجر من جانب آخر. لماذا يكون العالم أكثر قساوة على هؤلاء؟ ربما بسبب أننا في عالم تحكمه المادية والرأسمالية البحتة أو ربما لآننا تحولنا إلى قطع شطرنج ملساء ناعمة ولكن متحجرة مُتيبسة داخلياً، مهيبة الشكل ولكن بدون روح. يبدو أن (كينيث لونرجان) في عمله الثالث قد استعرض كل أدوات المخرج، فكان صانع الأفلام المتميز، القادر على جعل كل الممثلين يظهرون بأفضل أداء معه، ظهر هذا أيضا بتحكمه في مشاهد (الفلاش باك) وقدرته على الانتقال من الماضي للحاضر بكل سلاسة خلال أحداث الفيلم.