فجـــر افـــلام القصـــاص…(Dirty Harry)
اسل الصفار/ امريكا
يعتبر هذا الفيلم الشرارة الأولى للأفلام التي تناولت موضوع الإصطدام بين تطبيق العدل وتطبيق القانون، وبتطرّف. يُلقب بطل القصة بـ(القذر) لأن القضايا التي تُناط اليه كلها قذرة وخلال محاولته حلها يواجه مصاعب ومعرقلات من رؤسائه بالعمل بقدر تلك التي يواجهها من المجرمين، فهو لا يستطيع إستخدام سلاح المجرم كدليل لأنه فتش بيته من غير أمر قضائي، وإعتراف المجرم بجريمة قتل لا يؤخذ بالمحكمة لأنه أعترف تحت تأثير الضرب مِن قبل محقق الشرطة، فنجده مُكبّل بشروط القانون شبه التعجيزية بنفس الوقت الذي يحاول به إنقاذ فتاة مخطوفة أو يحل قضية جريمة قتل. بُنيت القصة بشكل عــــــام على قضية قاتل الأبراج (Zodiac Killer) التي أرعبت أميركا في الستينيات، وكُتِب السيناريو بشكل يختلف عما هو معروف مِن قَبل، فقدّم عنفاً متطرفاً، ومُحقِقاً بوليسياً لا يحب أحداً ولا يحبه أحد، يضع نفسه على خط النار بلا تردد، لكن شجاعته تكلّفه إصابات جسدية وموت معظم شركائه بقسم الشرطة، كل ما يهمه هو تأدية واجبه وما يحتم عليه ضميره اللذين يتضاربان مع القوانين والشرائع المدنية.
نظراً لتطرّف محتواه ولظروف أخرى كجدول تصويره الزمني أعتذر العديد من الممثلين عن القيام بدور الشخصية الرئيسة، ومنهم (جون وَين)، (فرانك سيناترا)، (برت لانكاستِر) و(ستيف ماكوين)، أستقر الأمر أخيراً على (كلينت إيستوود) ليحمل شارة المحقق (هاري كالهان)، الذي بدوره قبل الدور بشرطَين، الاول أن يتم الفيلم بناءً على السيناريو الأول قبل التحويرات والرتوش التي أُضيفت لتخفيف من محتوى العنف ومشاهد الدم، والشرط الثاني أن يكون (دون سيكيل) هو مخرجه.
جاءت النتيجة على شكل عمل لم يُنتج مثله من قبل، جسّد (إيستوود) مِن خلاله شخصية أيقونية نافست تلك التي أكتسبها بأفلام (السباكيتي ويستيرن)، بمشاهد أخاذة تصرخ فناً كمشهد (هاري) وهو ينتزع إعترافاً من مجرم بساحة ملعب كرة القدم، وأيضاً بعبارات رنّانة لا يزال يستخدمها الناس بعد مرور أكثر من أربعة عقود على عرض الفيلم.
تجادل النقّاد حوله وتظاهر بعض الناس إحتجاجاً على محتواه وعلى الشخصية الجديدة لرجل القانون الذي يمشي فوق القانون. حقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر، فكلفة إنتاجه كانت 4 ملايين دولار أميركي، بينما وصلت إيراداته الى 36 مليون.
وبناءً على هذا النجاح تم إنتاج أربعة أجزاء لاحقة به، كلها تُمجّد نفس رجل القانون، الذي يقف بوجه المجرم متسلّحاً بمبدأ تحقيق العدل ومسدسه الماكنُم عيار 44، الذي دائماً يذكّرنا بأن طلقاته تستطيع أن تفصل رأسك تماماً عن جسدك، ضارباً القوانين والشرائع عرض الحائط، ومردداً عبارته الخالدة: “هل تشعر بأنك محظوظ أيها الوغد؟ هيا حاول أن ترفع سلاحك بوجهي، إصنع لي يومي” بمعنى (سيفرحني قتلك وسيحلل لقمة عيشي.(
الفيلم من إنتاج عام 1971، إخراج (دون سيگيل)، الموسيقى التصويرية اعدت من قبل (لالو شيفرين)، قصة وسيناريو (هاري فِنك)، (آر. إم. فِنك)، (ديين رازنير) و(جون ميليوس)، اما التمثيل فكان من بطولة (كلينت إيستوود) و(أندي روبِنسون).