المسرح المصري…رحلة من زمن الفراعنة الى الان
عدسة الفن – ابتهال حامد
المسرح معروف لدى الجميع بـ(أبو الفنون)، وتلك التسمية لم تأت من فراغ فهو الاختبار الحقيقي لآداب الفنون وهي العلاقة التي من خلالها تتواجد شخصية الفنان لجمهوره.
المسرح المصري بدء منذ القدم، اذ يقول المؤرخ (هيرودوت) إن الفراعنة كانوا يعدوا ساحة المعبد المقدس في الأعياد والمناسبات الدينية لتقديم عروض تشخيصية، واكتشفت برديات تحوي نصوص مسرحية لعروض كانت من 40 مشهد، في صورة اقرب ماتكون للشعر لتصوير مأساة (ايزيس) وبحثها عن زوجها في كافة البلاد، وعرقلة الأله ست والذي يحول دون إلتقاءهم معا بشتى الصور (أسطورة ايزيس واوزيريس المعروفة)، وهذا يؤكد ان الفراعنة عرفوا فن المسرح منذ ألاف الاعوام.
بداية تأسيس المسرح المصري كان في عشرينيات القرن العشرين اذ بدأ الرأي العام ينادي بوجود مسرح وطني مصري بعيد عن الادب العالمي، فنشأ المسرح الوطني عام 1921. وفي الفترة هذه ظهر المسرح الشعري بعد ما دخل بعض الأدباء في التأليف للمسرح مثل أمير الشعراء (أحمد بك شوقي)، والذي قدم العديد من المسرحيات مثل (مجنون ليلى) و(مصرع كليوباترا) و(علي بك الكبير) وقدم (توفيق الحكيم) العديد من المسرحيات مثل (أهل الكهف) و(أيزيس) و(نحو حياة افضل) التي بدأت تخلق مسرح مصري بعيد عن الأقتباس من الأدب العالمي.
مثلت حقبة الستينيات زمن الصعود الأقوى للمسرح، وارتبطت بأسماء مبدعين كبار من مؤلفين وفنانين ومخرجين، تركوا بصمة لا تزال مثيرة للدهشة والمتعة، فمن رواده (سعد الدين) و(نعمان عاشور) و(عبد الرحمن الشرقاوي). وشهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات اتجاه العروض المسرحية لكوميديا الفارس (وهي الضحك للضحك بدون هدف) لما سيطر القطاع الخاص على المسرح وجري المنتجين وراء المكسب وشباك التذاكر عن تقديم فن هادف، وقل دور مسرح الدولة، وقلت العروض الدرامية أو العروض الكوميدية الهادفة الا مسرحيات (محمد صبحي) أحيانا، وشهدت الفترة ظهور وتألق ممثلين كوميديان امثال (عادل امام) و(محمد صبحي) و(احمد بدير) و(محمد نجم) وغيرهم وفي بداية القرن العشرين انتشر الفن المسرحي الغنائي (الأوبريت) بين الناس عن العروض المسرحية التمثيلية والذي كان مشهوراً في هذا الوقت الفنان (جورج ابيض) الذي تولى على عاتقه تأسيس المسرح الدرامي، وكما سطع نجم (يوسف بك وهبي) بقائمة رواد المسرح، فقدم اعمال لاقت نجاحاً كبيراً بين جمهور مصر.
وكان ينافسهم رواد المسرح الكوميدي (نجيب الريحاني) و(علي الكسار) اللذان قدما عروض تميزت بالكوميديا الهادفة وهي مصرية المنبع وغير مقتبسة عن الأدب العالمي، واشتهرت مسرحية (كش كش بك) لـ(نجيب الريحاني) والذي تم تقديمها على المسرح لفترة طويلة وحصلت على شهرة واسعة بين الناس داخل مصر وخارجها. واشتهرت شخصية (عثمان عبد الباسط) الذي قدمها (علي الكسار) في مسرحياته ولاحقا قدمها للسينما.