(القارئ)…جرائم النازيين وندم الألمان تحت مجهر برنهارد
عدسة الفن – سما حسين
الرواية التي تتحدى كل تفسير منطقي يؤكد أن الماضي فعل وزمن مضى، لم يكن من الغريب أن تكون أول رواية المانية تصل لقائمة نيويورك تايمز أو تتحول إلى فيلم حائز على الأوسكار، أو حتى إضافتها إلى المناهج التعليمية، وترجمتها إلى 37 لغة.
(برنهارد شلينك)، أستاذ قانون وقاضٍ يتحدث في هذه الرواية المثيرة للجدل عن المشاعر التي راودت الألمان بعد انتهاء حكم النازيين وجرائمهم البشعة.
وضع تحت مجهره شخصيات مبهمة، عادية، مذنبة، وغير مذنبة في ذات الوقت، فيرسم في الفصل الأول علاقة سطحية ومرعبة أخلاقيا بين مراهق وسيدة في عقدها الثالث، وفي هذا الفصل تحديدا إستخدم الكاتب الأسلوب الجرئ، أو المسئ للذوق العام، حيث إحتسبها له العديد من النقاد نقطة ضده، ولكنه بالأحرى كان أهم دليل على ذكائه الروائي.
فهو أحدث نقلة عبقرية سريعة بين الفصلين، من المشاعر الصبيانية المرفوضة إلى البرود والحذر والتحول الغريب في الشخصيات فالفصل الثاني، أي رحيل السيدة (هانا) كان شيئا مختلفا عن سابقه. أي أن الرواية بمجملها كتبت بأسلوب بارد ومخدر كأدب الناجين من مأساة. والسؤال هو، هل إن هذا الأسلوب تعزية صريحة لكل كتاب (أدب المحرقة)؟ أم إنه وصف نجاته من تلك العلاقة كالنجاة من مأساة لم تورث له سوى العطب؟
يأتي الفصل الثالث والذي يضع فيه عنصر الصراع والمفاجأة، حيث تدان هانا بالتسبب في موت عدد من اليهود أثناء إقتيادهم لأحد المعسكرات، والبطل طالب قانون يراقب المحاكمة، وفتاة يهودية نجت من المأساة وكتبت كتابا تدين به هانا ومن كان معها.
إنه يصف المعنى الحقيقي للألم الذي لا يمكن علاجه إلا بالصمت والكتمان، وعن التعلق الغريب الذي ينتابك من بداية حياتك حتى نهايتها.
فالفتى هو العنصر البارد الذي اختار تجاهل كل شئ والمضي قدما فإن ماحدث حدث وإن كان حضوره قائم، وشخصية هانا ، مثال على الذنب الفردي والمجتمعي، كذنبها في استغلال فتى مراهق وذنبها في الاشتراك بتلك الجرائم.
في نهاية المطاف كان لابد للكاتب أن يوضح أن الخدر والبرود لايمكن أن ينتابنا تجاه الندم والذنب، وتجاهل القدر، مرهم مؤقت لجرح عميق.