(افواه وأرانب) دغدغة عواطف لأفكار تدعي المثالية
تحرير عبد الرضا
يصل الفن السينمائي المتقن لقلوب الناس ويبقى تحفة فنية لا تتأثر بعوامل الزمن، يشاهدها الاجيال ليرسموا صورة واضحة لما فاتهم، تحفتنا اليوم قدمت للجمهور كفيلم في العام (1977) بعنوان (افواه وأرانب) اذ يحكي لنا عن (نعمة) فتاة تعيش مع عائلة اختها وزوجها وأطفالهم التسعة، عائلة فقيرة معيلها زوج سكير يعمل موظفا في السكك الحديد انجب لهذا العالم تسعة أفواه تحاول (نعمة) اسعادهم بما تستطيع رغم كثرة خلافاتها مع اختها والتي تصل ذروتها حين يتقدم (المعلم البطاوي) للزواج من نعمة وهو الرجل المزواج سيء السمعة، وتبدأ محاولات الاقناع بالترغيب بحجة انه رجل غني سيقوم بانتشالهم من الفقر، لا تقتنع (نعمة) فتهرب الى مدينة المنصورة لتعمل في مزرعة (محمود) الذي صوره الفيلم الفارس النبيل الثري لتبدأ العلاقة التي تتطور سريعا بين محمود ونعمة وكيفية تقربهما رغم الفوارق الطبقية ومعارضة الجميع لوجودهما معا، لكن المشكلة التي لا تدركها (نعمة) الغارقة في الحب انه اثناء هربها قام زوج اختها وباستخدام الحيلة بتزويجها للبطاوي، لتتشابك الاحداث وتصل ذروتها في المشاهد الاخيرة عندما تعود نعمة لعائلتها لإخبارهم بنيتها الزواج من محمود. صناعة هكذا افلام مرغوبة جماهيريا وبحرفية عالية هو متعة لكل مشاهد، لكن ما وراء فكرة الفيلم هو اشبه بمسالة دس السم بالعسل، فالفيلم اظهر ان مشكلة تزايد السكان سببها الفقراء وتقليدهم للأرانب بمسالة الإنجاب وان مشاكل هذه الطبقة هو بسبب عدم اجتهادهم، ليقدم الحل السحري عندما يقوم الرجل الغني بالزواج من الفتاة الفقيرة وبهذا تنتهي المشاكل ليعيش الجميع حياة سعيدة وتغني فاطمة عيد (توتة توتة ولا تخلص الحتوتة) في النهاية. اخيراً، لا يمكن انكار ابداع فاتن حمامة في اظهار عفوية وجمال وتوتر وخجل شخصية (نعمة) امام البطل (محمود ياسين) لتنال جائزة احسن ممثلة في مهرجان طهران ومهرجان القاهرة السينمائي ولا يمكن التغاضي عن حرفية المخرج (هاني بركات)، ولا الاستهانة بالقصة التي كتبها (سمير عبد العظيم) اذ ستبقى قريبة للقلوب رغم محاولة سطوره اخفاء الحقيقة.