نوافذ سينمائية

(The Book Thief) سارقة الحروف وسط الحروب

بشرى نجم الدين

يقال ان أندر من الكتاب الجيد هو القارئ الجيد, اذ ان الكتاب نافذة نتطلع من خلالها إلى العالم، وهذا ما يتحدث عنه فيلم (The Book Thief) المأخوذ من رواية للكاتب الأسترالي (ماركوس زوساك).
تدور قصة الفيلم حول حياة (ليسل ميمينغر)، فتاة صغيرة تعيش في ألمانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية، يتبناها (هانس) الرجل الطيب العطوف و(روزا) المراة المتسلطة القوية، دخلت بيتهم وهي تحمل كتابا حصلت عليه في جنازة أخوها لم تستطع قراءته لانها لا تعرف القراءة، فتتوطد علاقة (هانس) بـ(ليسل) ويقوم بتعليمها القراءة سرا، فكانت تقرأ كل ما تقع عليه عيناها، اما (روزا) التي تعمل في غسل وكوي الملابس، فكانت ترسلها الى بيت العمدة، لتعثر بالصدفة على مكتبة كبيرة، فترتبط بعلاقة صداقة مع زوجة العمدة، وتجلس لوقت طويل تقرأ، الى ان امسك بها العمدة وطردها من البيت والعمل ايضا.
بالصدفة تلتقي بـ(ماكس) الشاب اليهودي الهارب من النازيين والذي لجأ الى بيت (هانز) بسبب علاقة الصداقة التي تربط بين العائلتين، ليصاب (ماكس) بالمرض فتمسي وتصبح (ليسل) تقرأ له لتخفف من شدة المرض، فتنشأ بينهما صداقة جمعتهم مع الكتب التي بدأت (ليسل) بسرقتها من بيت العمدة لغرض قرأتها.
المثير في هذا الفيلم ان راوي القصة ليس (ليسل) ولا (هانز) ولا (ماكس) بل هو الموت!!! نعم انه الموت الذي سئم من عمله ويريد إجازة لكنه لا يستطيع ذلك حيث لا بديل عنه. فيتحدث الموت عن عمله بأخذ الأرواح وحملها بعيدا فقد كان يروي ويشرح الأسباب وراء دمار كل شخصية وشعوره حيال أخذ حياتها، اذ يمنحه ذلك حس الرعاية أكثر من الخوف. حتى أن الموت نفسه يقول في لحظة ما: “حتى الموت لديه قلب” وكان للموت دورا كبيرا في القصة كون احداثها تدور خلال الحرب العالمية الثانية وخاصة خلال سطوة الحزب النازي ولهذا فإن الموت والإبادة الجماعية لهما دور بارز في الرواية وهذا ما يشرحه الموت وهو راو متواجد بشكل كلي وكانه يعرض لنا الموت بطريقة أقل فوضوية.
وفي خضم الدمار الذي سببته الحرب والموت والخسارة لـ(ليسل) ولشخصيات أخرى نرى الحب كعامل للحرية والتغيير، اذ تتخطى بحب عائلتها وأصدقائها لها فواجعها ليس بموت أخيها فقط وانفصالها عن عائلها، بل بأمور أعظم مثل ألمانيا التي دمرتها الحروب والحزب النازي، لنرى ايضا هانز يطور علاقته معها فنرى الشفاء والنمو كنتيجة مباشرة، وفي غمرة السياسات الحكومية والدمار الناتج والذي يفرض آراء صارمة حول من هم جديرون بالحب والقبول تدوم علاقة ماكس اليهودي مع هوبيرمان الالماني وبذلك يتحدى الحب النظام النازي اضافة إلى ذلك يخلق الحب الذي يطوره ماكس وليسل من خلال صداقتهما تناقضا مع الكره الذي يمثل خلفية للقصة بسبب الحرب وعقائد النازيين. الفيلم من بطولة (صوفي نيلسي) و(جوفري راش) و(بن ستشنيتزير) و(روجر علام) صوت الموت الراوي للاحداث، الفيلم من انتاج عام 2013 وحاصل على تقييم (10/7.6) في موقع (IMDb) اما الرواية فحصلت على 8 جوائز لافضل كتاب منها جائزة كومونولث للكتاب عن أفضل كتاب (جنوب شرق آسيا و جنوب المحيط الهادئ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى