Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street لذة الانتقام بملحمة موسيقية مظلمة
ايمن محمود
طوال حياتي، او بالاحرى منذ ان نما شعر ذقني لم أحبذ ان يقوم الحلاق بحلاقته بواسطة الشفرة الطويلة، فعندما يبدأ بتحريكها نزولا وصعودا يبدأ قلبي بالنبض سريعا و يتملكني الفزع، الصراحة لا ادري كيف زرعت في داخي فكرة مجنونة بانه سيقوم بنحري بشفرته! بعد سنوات نسيت هذه الفكرة المجنونة واصبحت اتذكرها ضاحكا، ولكن الخوف عاد من جديد وبوتيرة اكبر عندما شاهدت فيلم (سويني تود).
(سويني) حلاق انجليزي متعطش للانتقام، اصبح محترفا جدا بقتل زبائنه، شفرته يمررها اولا بهدوء على الرقاب الامنة الراغبة بالحلاقة ثم فجأة، بحركة سريعة يقطع الحنجرة دون اعطاء اي فرصة للضحية للدفاع عن نفسه ويموت مختنقا بدمه، وقبل ان يلفظ نفسه الاخير يقوم الحلاق بالضغط على دواسة فينقلب كرسي الحلاقة رأسا على عقب عبر دهليز عميق الى قبو مظلم، حيث هناك تقوم صديقة الحلاق بالتخلص من اجسادهم بطريقة ربحية، اذ تقوم بفرم الجسد لتستخدم لحومهم في حشو الفطائر الشهية التي تقدمها لزبائنها في مطعمها الخاص تحت صالون الحلاقة.
رغبة (سويني) الحقيقية هي رقبة القاضي، ذلك القاضي الذي سلبه زوجته وابنته، ولكن في النهاية وبعد تحقيق لذة الانتقام وتذوقها نراه واقعاً كضحية لهذا الانتقام، كل هذا باداء موسيقى اقل ما يمكن وصفه بالرائع، موسيقى جميلة وكلمات ملائمة جدا للحبكة والسيناريو والقصة المظلمة المليئة بالتصوير الكئيب لحقبة لندن القديمة المليئة بالجهل والفقر والظلام الدامس، وكذلك الاسرار والمفاجئات، الفيلم انتج في عام 2007 من بطولة صاحب الشخصيات المتعددة (جوني ديب) والرائعة (هيلين بونهام) واخراج المخرج غريب الاطوار (تيم بورتن)، وقد حقق الفيلم نجاحا مذهلا في شباك التذاكر وكذلك حصل على استحسان واضح من النقاد، مع كونه فيلم موسيقي وهو النوع الغير مرغوب عادة من قبل الجمهور.
الان لنعود للفيلم، الفيلم مليء بالاحداث المشوقة والمتتابعة التي لا تعطيك اي لحظة ملل وانت تتبع كل جوانب القصة، وانتظار (سويني) للحظة المناسبة وعلى مضض للوصول الى رقبة القاضي، تارة يفشل وتارة ينجح باستدراجه، الفيلم مدته ساعتين من المتعة والاثارة والتشويق والكثير الكثير من الدماء ولكنها قدمت بنكهة فنية موسيقية جميلة مستساغة من قبل المشاهد، وسترغب انت ايضا بداخلك بالانتظار للحظة انتقام (سويني) كما انتظر هو، لانه سيقوم بنقل رغبة الانتقام اليك وسيجعلك مناصرا لهذا الانتقام بسبب الاقناع الذي اوصله (جوني ديب) باداءه الرائع.
اما تاريخيا يعتقد بان قصة (سويني) هي قصة حقيقية من القرن التاسع عشر وقد تم اعدامه شنقا وامام الناس في لندن.
ختاما، بعد مشاهدة الفيلم ستحصل على متعة موسيقية فنية لا تنسى ولكن للاسف ستحصل ايضا على رهاب، رهاب الشفرات الطويلة الحادة.