نوافذ سينمائية

(Mother) …أرونوفسكي عندما يطير عاليا بعالم الفلسفة

بينيل عامر / تركيا

فيلم (أم) ليس للجميع! اذ يصعب مشاهدته، لكن من المهم جدا للناس أن تفهم الرموز التي يعتزمها والتي يريد إيصالها المخرج، علينا أن نعلم من هي (جنيفر لورانس) وماذا تمثل؟! علينا أن نستوعب دور (خافيير بارديم) الكبير في حبكة الفيلم، حتى (ميشيل فايفر) و(إد هاريس) بادوارهم الصغيرة يجب أيضا أن نعلم إلى ماذا يرمزون. كل شخصية، كل حدث، كل حركة يجب أن نفسرها مع أنفسنا ونفهمها لكي نتذوق الفيلم كاملا، لا يحق لك أن تدعوه بالسيء وأنت لم تفهمه بعد، استوعبه اولاً ثم ابدأ بانتقادك، قد لا يعجب الذوق العام بسبب أجواءه المرهقة والصعبة وثقل محتواه. هو أبعد من كونه فيلم رعب تقليدي، (أرونوفسكي) لا يلعب تحت القواعد المتعارفة، هو هنا يسير ويحوم كما يريد وكما يرغب، تناوله لهكذا مواضيع دينية ضخمة وكيف يحولها إلى سيناريو رمزي يعتبر شيئاً بارعاً بحد ذاته.)أرونوفسكي) يستخدم مع مصوره هنا مشاهد كثيرة مقربة للوجه، حيث نكون نحن معظم الوقت قريبين من وجه (جنيفر) و(خافيير)، هذه الحركة لا تضيف الخوف فينا فقط، إنما تسمح لـ(أرونوفسكي) ومصوره للحد من مجال رؤيتنا ويجعلنا نرى الأمور من منظور الأم فقط، حيث سنبقى على مقربة من الأم، ولن نستطيع أن نرى ما يحدث خلفها أو بجانبها، فهو مذهل بصريا وتصويريا، مع ذكر أن احداثه تقع كلها تقريبا في منزل واحد. الرموز، الأجواء، التصوير، تحرك الكاميرا وتتبعها لشخصية الأم، سير الأحداث، ثقل المحتوى، ذكاء السيناريو، أداء الشخصيات، الرسائل الفلسفية، كل شيء فيه جميل ويستحق مشاهدة ثانية. فيلم (أم) هو ذلك النوع من الأفلام التي صنعت لكي يتم تقاسم الآراء والأفكار حولها، إن كنت قد أحببت الفيلم أو كرهته، فهذا فيلم سوف يجعل الناس تتحدث عنه، وهو بالضبط ما يريده (أرونوفسكي)، وهو بالضبط ما نحتاجه أكثر من أفلام زمننا هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى