نوافذ سينمائية

(A Quiet Place) …. عندما يكون للصمن صوتاً مرعباً

تحرير عبد الرضا 

هل فكرتم يوما اننا نستعمل (الضوضاء) للتعبير عن وجودنا؟ تخيلوا عالما هادئاً، ليس ذلك الهدوء الراقي الذي يبعث على السكينة، بل هو هدوء نجبر عليه ليكون الفاصل بين الحياة والموت.
في فيلم (A Quiet Place) لعام 2018 ستشعر بانك تنتظر عدادا تنازليآ في قنبلة موقوتة دون ان تعرف الخاتمة، وانت تشاهد تحفة (جون كراسينسكي)، اخراجاً وتمثيلاً، ستكون مجبراً ان تتوقف عن الكلام، وفي بعض المشاهد ربما تحبس انفاسك خوفا على تلك العائلة الصغيرة من ذلك المجهول الذي اصبح واقعاً، سترى ان المظهر البشري لوجودنا متمثلاً بصوتنا قد ينفينا، وان اضعف الاصوات، كصوت ملعقة طعام في صحن او حتى صوت ضحكة بريئة، ذو تأثير مميت في هذا العالم المرعب. انه فيلم رعب قريب للكمال، لا يعامل الجمهور كالبلهاء بتقديمه مناظر قتل تثير الاشمئزاز، ولا يضعنا في بيت مسكون بأرواح معذبة، اذ استفاد من موروث افلام الرعب بتصميم جديد واخاذ، فالرعب ستشاهده في عيني طفل يقول (اعتذر) دون ان ينطقها لان صوته قد يعني انتحاره، وستخاف من مجيء طفل جديد لهذا العالم لانك تدرك ان اولى صرخاته ربما تكون اخرها. الفيلم من النوع الذي يُسرع معدل ضربات القلب ويخالف توقعات الجمهور، انه فيلم عن التكيف من اجل البقاء.
ابداع (كراسينسكي) يتجلى في المحافظة على ابقاء الكائنات بعيدة عن اغلب المشاهد، لكنك تشعر بها في كل ثانية، وعندما تتاح فرصة ظهورهم كومضات فالمؤثرات البصرية ذات تأثير كبير ومتقن، فا يخيل اليك ان فتحة اذانهم فوهة شيطانية تدخلك للجحيم، كما تميز باستعماله الاضاءة مع وتناسقها مع فكرة البيئة الواحدة، اما اداء (ايملي بلانت) فكان صادماً ومقنعاً، ولا ننسى الاداء الرائع للطفلين (ميليسنت سيموندز) و(نواه جوب) الذي عد علامة مميزة للفيلم ومسيرتهم الفنية القادمة. الفيلم طرح قصة فلسفية مهمة دون حوار (نظراً لمحدودية السرد)، واالذي رغم صمته الشديد جعلنا نراجع وجودنا وصوتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى