بينيل عامر/ تركيا
فيلم (الوصول) لعام 2016، فيلم خيال علمي تأملي وفلسفي عميق، يهتم بدراسة الطبيعة البشرية، ويعد واحداً من أذكى أفلام الخيال العلمي في الأعوام الأخيرة، تم صنعه بذكاء، وتقديمه بطبقات من المواضيع المعقدة ويحوي الكثير من الرسائل ليقولها لأبناء البشر. المخرج (دينيس فيلنوف) يقدم لنا فيلماً بشكل رفيع ويتخذ نهجاً خاصاً يحوله إلى تجربة سريالية ومحفزة وحساسة، ويضيف إليه شعوراً من الغموض ويجعل غرائزنا البدائية تعمل، وخاصة خوفنا من المجهول. طريقة إخراج (فيلينوف) هنا لا تمنحنا لقطات لا أهمية لها أو تنحرف عن الموضوع، فهو ينجح في الحفاظ على الأمور مشدودة ومتوترة حتى النهاية.
السيناريو مكثف بمواضيع وجودية، ويلقي برسائل خفية بين الحين والآخر، ويجعلنا منغمسين بالكامل في رحلة أبطال الفيلم. كل شيء تم تصميمه بدقة شكلاً ووظيفةً، وتم بذل اهتمام واسع لجعل التفاصيل الصغيرة تبرز، سواء كان تصميم المخلوقات الفضائية أو مفردات لغتهم أو مركبتهم الفضائية نفسها.
عمل الكاميرا ساحر وفاتن تماما، فالكاميرا صورت أجواء مشؤومة وسماء غائمة، وكأنها لوحة ملونة باردة، فيبدو كل شيء هادئ، الإضاءة الذكية تضيف شعورا بالارباك والحيرة للمشاهد. أما الموسيقى فهي كئيبة وغامضة هنا وتعتبر إلى حد ما ممتازة وتتناسب مع جميع لحظات الفيلم. اما بالنسبة للآدائات، فالفيلم يتميز بطاقم رائع في كل من (ايمي ادامز) التي سرقت العرض بأداء متميز يصنف بالتأكيد من بين الأفضل في مسيرتها و(جيرمي رينر) و(فورست ويتيكر).
الفيلم يوثق نجاح وتألق المخرج (دينيس فيلنوف) الذي لا يمكن ايقافه، فهو يستمر بصناعة الأفلام الثقيلة، ليقدم تحفة بحبكة معقدة، ويروي قصة مختلفة بعض الشيء، مما أعطى للفيلم عمق واسع النطاق، وتصوير فوتوغرافي آسر، وكل ذلك بخطى ثابتة لاستكشاف لحالة الانسان.
