يا حريمة…عشق بين القضبان وحكاية الاجيال الثلاثة
نداء جمعة
تحت اكتاف الحياطين السمراء في ذلك الجوف المظلم، ولد حبٌ عذري الملامح بين هضبة السماوي وحقول فتاته العشرينية ذات الخمار القروي، كانت تأتي كنسمة ربيع رطبة بعد شتاءٍ قاسِ، كما وصفها السماوي في صور ذكرياته، حين كانت تأتي لزيارة اخيها المعتقل مع شاعرنا (ناظم السماوي) في معتقل (نگرة السلمان) آنذاك، حيث كُتبَ لحبٍ ان يولد بينهما متخطي حواجز رعب السجان اثر الزيارات المتكررة من قبلها للسجن مولدة شرارة ثورة عواطف انتهت بعناق قلبين.
قال لها مرة هل تنتظريني بعد خروجي؟ فاجابت نعم، لذا على تلك النوايا بنى السماوي احلاماً، لكن الذي حدث كان صدمة كبيرة فقد انقطعت عن الزيارة، وعند سؤاله لشقيقها عنها، اجابه انها تزوجت، حينها امسك قلمه وكتب لها (ياحريمة) وكانت فاجعة لقصة حبه الاول الذي انتهى بالخذلان وظلت معه كلمات القصيدة بعيدة عن الحياة لوقت ليس بقصير حتى لحنها الكبير (محمد جواد اموري)، لتركن في رفوف المكتبة الأمورية لعام ونصف تقريبآ ليعيد تلحينها مرة اخرى بعد وفاة زوجته (ام نصير) بعد مدة قليلة من زواجهما، ومن المفارقات في هذه الاغنية ان ذلك اللحن العظيم لم يتطلب من الملحن سوى ساعتين فقط ليترجم فيها قصص انبنت وولدت في جدران المعتقل.
ياثلج وفراك طبعك ياطبع كلك زعل
وانه ووعودك صفيت بلايه وعود
وانه دمعات الحزن
شاتلها ظليت على خدك
وانه سجة درب سواني زماني
و(سجة درب) هو طريق ترابي ويتميز بكثرة المارين والشاعر هنا يقصد بتشبيهه ان قصته اشتهرت بين الناس والكل عرف معاناته. اما مطربها حسين نعمة الشاب الجنوبي الجديد على صخب بغداد واجوائها المنفتحة حيث كان يمر بأزمة عاطفية بعد فراقه عن زوجته السابقة فغناها بصوت اسر القلوب فقد ادت مقاطعها كل جوارحه وليس حنجرته فقط، واشتهرت أغنية ياحريمة في مطلع السبعينات كما أنها فازت باستفتاء الاغاني الذي اقامته (الحرة عراق) بثاني افضل اغنية عراقية خلال مئة عام الاخيرة.