فيروز…عصفورة الاجيال ونسمة الصباح العذبة
مروة فاضل شاطي
الفنانة اللبنانية صاحبة الصوت الجبلي الناعم والحس الانثوي الشامخ واكليل الالحان التي استرخت المسامع لذبذبة صوت حنجرتها، عصفورة الصباح التي تربينا على أنها الصباح بأم عينه ونكهة القهوة التي تكمل اصالة الصباحيات فيروزة الطرب التي تتراقص على كلماتها الالحان بكل شفافية وبأتقان (فيروز) النجمة الساطعة في سيرة فنان لهذا الاسبوع.
نشأتها
اسمها (نهاد رزق وديع حداد) المشهورة بالاسم الفني (فيروز)، ولدت ونشأت في العاصمة بيروت في 21 تشرين الثاني عام 1935، كانت فيروز الطفلة الاولى لعائلة بسيطة الحال تقطن في (زقاق البلاط) في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية، امها (ليزا البستاني) ووالدها كان يعمل في مطبعة تسمى انذاك بـ(لي جور) كان والدها رجلا ذو خلق رفيع واسلوب حسن وهادئ الطباع حسن السيرة أما أختها فهي المغنية والممثلة (هدى حداد). كانت فيروز تحب الغناء والطرب منذ نعومة اظافرها حيث كانت تستمع الى الالحان من بعيد عبر الراديو لأن اسرتها لم تكن تستطيع شراء واحد، حيث تستمع الى رواد الطرب العربي الاصيل مثل (ام كلثوم)،(محمد عبد الوهاب)،(اسمهان) و(ليلى مراد.(
حياتها الشخصية
تزوجت من (عاصي الرحباني) عام 1955، وانجبت منه صبيان وبنتان هم (زياد)، (هالي)، (ليال) و(ريما)، وفي حزيران 1986 توفي زوجها فقالت عنه:”ترك مملكةٍ مِن الجمال وفَلّ بكير.”
بداياتها الفنية
كان اول من اكتشف صوتها الاستاذ (محمد فليفل) احد الاخوين فليفل اللذان لحنا النشيد الوطني السوري والذي كشف عن هذا الامر في حفلة مدرسية عام 1946 وقتها رفض الاب المحافظ عائلياً بأن تغني ابنته فيروز امام العلن ولكن (فليفل) اقنعه بالنهاية وأتفقا على انها سوف تغني الأغاني الوطنية وحسب ووافق الاب ولكن بشرط ان يرافقها اخوها (جوزيف) اثناء فترة دراستها في المعهد الوطني للموسيقى الذي كان فيه (وديع صبره) مؤلف الموسيقى الوطنية اللبنانية رئيساً على المعهد حيث تعلمت فيروز وتتلمذت بالمعهد المذكور مجاناً كون (فليفل) هو الذي ادخلها المعهد. انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد بشهور قليلة حيث بدأت الغناء في عمر السادسة وانضمت لكورال الإذاعة اللبنانية. وعندما عرفها (حليم الرومي) أطلق عليها اسم فيروز ولحن لها بعض الأغنيات بعد أن رأى فيها موهبة فذة ومستقبلاً كبيراً حيث لاقت رواجاً واسعاً وصيتاً.
الانطلاقة نحو الشهرة
كانت انطلاقة (فيروز) الجدية عام 1952 عندما بدأت الغناء بألحان الموسيقار (عاصي الرحباني) وكانت اغنياتها تملأ القنوات الاذاعية كافة، وبدأت شهرتها بالعالم العربي اجمع منذ ذلك الحين حينما تم المزج بين الأنماط الغربية والشرقية والألوان اللبنانية في الموسيقى والغناء. وساعد صوت فيروز ورّقته على الانتقال دائماً إلى مناطق جديدة، ففي وقت كان فيه النمط الدارج هي الأغاني الطويلة إلا ان فيروز قدمت الاغاني القصيرة. قدّمت مع الأخوين رحباني، وأخيهما الأصغر إلياس، المئات من الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية لتميزها بقصر المدة وقوة المعنى، بخلاف الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين التي كانت تمتاز بالطول. زيادة على ذلك، كانت أغاني فيروز بسيطة التعبير مع عمق الفكرة الموسيقية وتنوع المواضيع، حيث غنت للحب والأطفال، وللقدس، وللحزن والفرح والوطن والأم. ومن جانب اخر فقد غنت فيروز لكثير من الشعراء والملحنين، منهم (ميخائيل نعيمة ) بقصيدة (تناثري)، و(سعيد عقل) بقصيدة (لاعب الريشة). كما أنها غنت أمام العديد من الملوك والرؤساء وفي أغلب المهرجانات الكبرى في العالم العربي. وأطلق عليها عدة ألقاب منها (سفيرتنا إلى النجوم) الذي أطلقه عليها الشاعر (سعيد عقل) للدلالة على رقي صوتها وتميزه. بعد وفاة زوجها عاصي عام 1986 خاضت تجارب عديدة مع مجموعة ملحنين ومؤلفين من أبرزهم( فلمون وهبة) و(زكي ناصيف)، لكنها عملت بشكل رئيسي مع ابنها (زياد) الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني، أبرزت موهبته وقدرته على خلق نمط موسيقي خاص به يستقي من الموسيقى اللبنانية والموسيقى العربية والموسيقى الشرقية والموسيقى العالمية.
اما في فترة التسعينيات أصدرت فيروز خلال هذه المرحلة العديد من الألبومات من أبرزها (كيفك أنت)، (فيروز في بيت الدين 2000) الذي كان تسجيلاً حياً من مجموعة حفلات أقامتها فيروز بمصاحبة ابنها زياد وأوركسترا تضم عازفين أرمن وسوريين ولبنانيين. كان تسجيل (فيروز في بيت الدين 2000) بداية لسلسلة حفلات حظيت بنجاح منقطع النظير لما قدمته من جديد على صعيد التوزيع الموسيقي والتنوع في الأغاني بين القديمة والحديثة. وفي عام 2010 طرحت ألبومها (ايه في أمل) وقد تعاونت في إنتاج هذا الألبوم مع أبنها الملحن (زياد الرحباني). كان ألبوم (ببالي) عام 2017 آخر ما قدمته من البومات عديدة،وقد لاقى هذا الألبوم انتقاداً شديداً من بعض المحبين لـ(فيروز) لعدم ارتقائه لفنها وإرثها ،كما انتقدوا ابنتها (ريما) التي ترجمت أغاني أجنبية شهيرة وعربتها بطريقة أعتبرها البعض (كلمات ركيكة) إلا أن صوت فيروز الذي كان محافظ على رونقه وجماله رغم الأعوام الـ(86) وجده البعض الأخر يغطي على أي عيوب واجهت أغاني الألبوم من كلمة او توزيع موسيقي،ويتضمن الألبوم الجديد عشر أغنيات، كانت قد طرحت ثلاثا منها في بداية الصيف في إطار الترويج للألبوم.
حفلاتها واعمالها الفنية
قدمت حفلاتها في العديد من الدول لانتشار جمهورها في رقعة جغرافية كبيرة من دول العالم بشكل متميز عن بقية الفنانين، فأقامت حفلات في دول العالم العربي مثل: (لبنان، البحرين، فلسطين، الامارات، العراق، الكويت، قطر، الاردن، سوريا) وغيرها. اما دول العالم مثل : (هولندا، يونان، سويسرا، فرنسا، المملكة المتحدة، المكسيك، البرازيل، الولايات المتحدة) وغيرها.
كانت تقام مسرحياتها في عدة أماكن منها: (كازينو لبنان ومهرجانات بعلبك الدولية ومهرجان دمشق الدولي ومهرجان صيدا ومسرح قصر البيكاديلي في بيروت والمدرج الروماني بالأردن) ولقَّبَها جمهورها المحب بملكة المسرح. ومن المسرحيات التي شاركت بها وتركت بها فيروز بصمتها الجميلة هي مسرحية (جسر القمر، بياع الخواتم، هاله والملك، الشخص، ناس من ورق، المحطة، لولو، ميس الريم وبترا.(
اما من الناحية السينمائية فقد شاركت بثلاثة افلام وهذه الافلام هي (بياع الخواتم، سفر برلك، بنت الحارس). والبرامج التلفزيونية التي قدمتها هي (الاسوارة، دفاتر الليل.(
القصائد التي غنتها
بالرغم من قلة عدد القصائد التي غنتها فيروز نسبة إلى إجمالي أغانيها، إلاّ أن القصائد تعتبر من أجمل أغانيها، مثل (خذني بعينيك)، و(الآن الآن وليس غدا)، و(زهرة المدائن)، و(أناجيك في سر)، و(أعطني الناي وغني)، علماً ان هذه الأغاني لا تذاع كثيراً في التلفزيون لعدم تصويرها ربما.
الالبومات الغنائية
تعددت البومات فيروز وكثرت تسميات تلك الالبومات ومنها (القدس في البال، ايام فخر الدين، احلى ما غنت فيروز، سفيرة العرب، عودة العسكر البعلبكية، قصيدة حب، مش كاين هيك تكون، يسعد صباحك ، يا رايح) وغيرها الكثير.
التكريمات
حصلت فيروز على العديد من الاوسمة والجوائز ومن تلك الاوسمة (وسام الأرز برتبة فارس، وسام قائد الفنون والاداب، فارس وسام جوقة شرف.(
منحت لقب سفيرة الفنانين العرب من ملتقى الإعلاميين الشباب العرب وذلك تقديراً لجهودها في خدمة الفن العربي الأصيل، وايضا تم إصدار طوابع بريدية تذكارية عليها صورتها. فيروز نالت محبة ابناء الوطن العربي والعديد من دول العالم وتعتبر من اقدم فنانين العالم التي بقيت مستمرة العطاء الى وقتنا الحالي ومن اعظمهم وابهاه