نوافذ سينمائية

صراع الاجيال والافكار في (Mona Lisa Smile)

تحرير عبد الرضا 

من الافضل للفتاة الزواج ام التعليم؟ سؤال ازلي يتردد دوما، وبات تقليدياً مملاً منذ ان طرح قبل عشرات الاعوام، لتتأرجح الاجوبة بين مؤيد ومعارض ومحايد.
في أوائل الأربعينات كان هناك جهد متضافر من قبل الحكومة الأمريكية لإقناع النساء بمساندة المجهود الحربي من خلال ملء الوظائف التي بقيت شاغرة، لكن عقب انتهاء الحرب انقلبت الدعاية وانطلقت الحكومة لإقناعهن بالتخلي عن حريتهم القصيرة والعودة ليكونن ربات بيوت، ولهذا قامت واشنطن وبمساعدة صناع الإعلام ونظام التعليم على جعل النساء يشعرن بالذنب إذا لم يقبلن أدوارهن كزوجات وأمهات ليعرف بعدها باسم عصر (أيزنهاور). يبدأ فيلم (ابتسامة الموناليزا) احداثه عام 1953 وفي الخريف تحديداً عندما تصل الانسة (كاثرين واطسون) المتخرجة من جامعة (اوكلاهوما) الى مدرسة (ويلسلي) للبنات بعد قبولها كأستاذة لمادة الفن.
تصل (كاثرين) متفائلة، يملأها الطموح بما سمعته عن شهرة المدرسة الراقية والتي تحتضن في اروقتها اهم الطالبات من صفوة المجتمع، تبدأ بطرح افكارها المتحررة عن اهمية المراءة وضرورة اكمال تعليمها الجامعي لتفاجأ بصورة مغايرة مخيبة للامال عما رسمته في مخيلتها، اذ تنصدم بتقاليد المجتمع المحافظ في ظاهره والجاهل في عمقه، والهدف الحقيقي لهذه المدرسة الذي يظهر تدريجياً مع تفاعل علاقتها بشكل سيء مع كل من (بيتي)، (جوان)، (جيسلي) و(كوني) الطالبات اللواتي رغم اختلاف شخصياتهن تجمعهن صداقة قوية ويوحدهم اكثر الصدام مع (كاثرين.(
تحاول (كاثرين) من خلال مناقشة الفن واللوحات اعلام الفتيات ان هناك عالماً يتجاوز الخيال بانتظارهن اذا اكملن تعليمهم الجامعي، لكن في المقابل تتفاجأ ان الجامعة تطرح دروس تقديم الشاي وكيفيه تعامل الزوجة مع رؤساء زوجها ضمن منهجها، وكجزء من شخصيتها وروحها المقاتلة تحاول تقويم مسارهن، مما يؤدي الى وصفها بأبشع الصفات في صحيفة المدرسة برئاسة (بيتي) التي تتزوج سريعا من احد الاثرياء فتقدم لنا صورة نمطية من تلك الفتاة التي تتسرع بالارتباط لتتندم طويلا، فنلاحظ بهتان ألوان حياتها ما بين خيانة زوجها واصرار عائلتها على عدم التهور بطلب الطلاق. جمالية الفيلم تكمن في عدة نقاط اهمها المرور على دور الفن في الحياة، فالفن ليس حكراً على الفنانين، ويمكن لأساتذة الفن المتمكنين من عملهم خلق حالة من التأثير نحو ادراك أفكار جديدة تنضج العقول، كما حاول الفيلم تقديم علاقة جميلة بين شخصيات مختلفة لفتيات بنفس الاعمار وبظروف اجتماعية متشابهة وهن المتحررة، والطيبة غير واثقة والقوية التي تملك هدفا مرسوما تحاول تحقيقه واخيرا المغرورة التائهة والتي تظهر القوة رغم الخيبة التي تعيشها.
وهنا نسأل هل نجح الفيلم ان يصل بنا الى تأثيره الاعلى كتأثير ابتسامة (الموناليزا) على مر الاعوام؟ بصراحة تقييمه بـ(10/6.4) على موقع (IMDb) لا يبشر بخير، وكذلك استسلام الانسة (كاثرين) وقرارها بترك المدرسة في نهاية الفيلم، لكن بالرغم من هذا أدعوكم لرحلة جميلة للاطلاع على عالم الفن وعقول الفتيات ونظرة متقنة الصنع لمجتمع الخمسينيات والذي ربما افكاره باقية الى الان، مثل فكرة قياس نجاح الفتيات بحجم خاتم الخطوبة.
الفيلم المنتج عام (2003) من بطولة (جوليا روبرتس)، (كريستين دانست)، (جوليا ستايلز).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى