حرفية غاسبار نوي المريضة…(I Stand Alone)
بينيل عامر / تركيا
لا أعلم صراحة ماذا أكتب عن هذا الفيلم، لا أعلم ماذا أكتب عن (غاسبار نوي) الكراهية، الاشمئزاز، اليأس، عدمية الإنسان، الانتحار، الخوف، الأخلاقيات.
الفيلم عن حياة شخص يعمل كجزار ينهار بسبب اشمئزازه المستمر على فئات المجتمع أثناء محاولته لإعادة التواصل مع ابنته البعيدة عنه، الفيلم صريح للغاية ومزعج، وذلك بسبب واقعيته ومصداقيته وعدم وضعه لأي حدود، ستكون أمام مشاهد عنف متطرفة وفاضحة، ولكن هذه الأشياء ليست التي تميز الفيلم، الذي يميزه هو الأحاديث القوية التي يجريها بطل الفيلم داخل عقله ومع نفسه عن كل شيء يدور حوله، كما يتميز أيضا بالـ 20 دقيقة الأخيرة، صراحة لا أعلم كيف أصف تلك الدقائق؟ كيف أفسرها؟ و يا ترى هل أريد تغييرها أم تركها كما هي؟ في الـ 20 دقيقة هذه (غاسبار نوي) تلاعب بي بالكامل، بعقلي، بأخلاقياتي، بمبادئي، جعلني أتحول لمتناقض وضائع، وأغير رأيي أكثر من مرة، تخيل إنه قبل أن يصل الفيلم لهذه الدقائق، وضع المخرج تحذير على الشاشة بخط كبير وعريض يحتوي على توقيت مهلته 30 ثانية وفيه يطلب من المشاهد أن يخرج من الفيلم حالا، تخيل إن المخرج بنفسه طلب من المشاهد ان يترك الفيلم، وكأنه يقول: ” لقد حذرتك يا صديقي، ألا تتذكر؟ ” وبعد التحذير ستدخل للـ 20 دقيقة التي يصعب علي شرحها أو الكتابة عنها.
التصوير جميل ولا اعرف اذا وصف مناسباً، ولكن دعني أقول لك إن التصوير بألوانه المملة امتلك تأثيره الخاص على جو الفيلم، والأصوات كان لها تأثير قوي أيضا على الجو العام.
في النهاية لا يسعني القول إلا إن (غاسبار نوي) مخرج ذكي بشكل مريض، يدخل بعمق الى دواخلنا ويبين لنا أموراً لم نكن نتوقع إننا نمتلكها، يستعمل حوارات فلسفية وجودية قاسية وثقيلة ولا يعطي الراحة أبداً لمشاهديه، ويقوم بتقديم مشاهد يصعب تقبلها.