اضاءات روائية

باب الطباشير ونظرية العوالم الموازية

عدسة الفن – نور الهدى كناوي

“حين صار يرى حائطاً كبيراً، ورجلاً عجوزاً ضامراً يتقدم الى الحائط ويرسم بالطبشور الاحمر ابواباً واسعة”. هذا المقطع ستجده على غلاف كتاب أحمر اللون يحمل عنوان باب الطباشير، تأليف الكاتب العراقي (أحمد السعداوي).

لقد وجدت في الرواية عنصر التشويق، السبك الجيد. تندمج الشخوص وتتراكب بحيث يتناسق الحدث الماضي مع الحاضر دون خلل، أهم عنصر تملكه الرواية هو الحداثة، فمن قرأ الأدب العالمي، سيلاحظ ان الروايات تواكب اجواء عصرها، محاولة اغنائك بالمعلومات العلمية، او ادخال المعرفة مع الخيال، لينتج خليط متجانس مفيد، هذا ما فعله (سعداوي) فقد ادخل نظرية العوالم الموازية في روايته، رغم تعقيد النظرية الا ان الكتاب استغلوها في رواياتهم وانتاجهم الفني فقد شاهدت مؤخراً فيلم بعنوان (Gateway) الذي يتحدث عن عالمة اخترعت مع مساعدها آلة تنقلها عبر العوالم موازية، قد رأت شخوصها في حيوات متعددة، وهذا ما فعله (سعداوي) في كتابهِ. فمعنى أسم الكتاب (باب الطباشير) هو بوابة تنقلك عبر العوالم الموازية، استخدم تعويذة سومرية لتحل معضلة الانتقال بدل آلة الزمن. رغم ان فكرته متداولة الا ان هذه الفكرة استفاد منها في وضع ستة خيارات لوضع العراق، فقط كان احد العوالم يحكم بواسطة قصي صدام الحسين، في الاخر يحصل انقلاب عكسري على الحكم، وفي الثالث تتصاعد الحرب الاهلية لدرجة يهاجر ارض العراق عشرين الف نسمة ويتبقى سبعة الاف نسمة تتطاحن مع بعضها فيتم انشاء حكومة من خارج العراق يديرها اثرياء البلد من (ديترويت). خلال روايته اعطى مقترحات متعددة لوضع العراق، لكنها جميعا تشائمية وتمد للواقع بصلة. اما شخصية الرجل العراقي عامة، والمثقف خاصة الذي ذكره في كتابة، تشابة اوصاف بطل رواية (سارق العمامة)، فشخصية المثقف العراقي مهزوزة فحالما يبدأ ذلك الفرد الذي يعيش في زجاجة مغلقة من العادات والتقاليد المفروضة والاجبارية بالقراءة والتثقيف، يشعر بالأكتئاب لان الوضع غير قابل للتغير، كما انه لو ناقش افكاره يتعرض للسخرية، وان خالط اقرانه يشاركوه ذلك الاكتئاب والإحباط، سوف تتضخم المشاكل امام عينية بدل ان يفكر بالحلول، ينتهي به الحال منتحراً او مخموراً يعيش حياة عبثية، هذه الاوصاف كانت في (علي) بطل رواية باب الطباشير. أما شخصية الرجل العراقي بصورة عامة، فهو انسان مغلوب على امره يدور مع دوامة القدر ويجري محاولاً كسب رزقه في ظل اقتصاد فاشل وسوق (صاعد نازل)، الفرد العراقي يعيش على الحظ، كما عاش (عمار) شقيق (علي) في (باب الطباشير)، لعب الحظ مع عمار ليتحول من بائع سجائر على (بسطية) الى مالك عدد من محلات الجملة، هذا الحظ رأيته في رواية (سفاستيكا)، فبطله ايضا عاش على الحظ وتحول من فلاح لا يملك إلا (دشداشة) متسخة، الى احد الرجال المهمين لصدام حسين. اما شخصية المرأة فهي كما توصف كائن مغلوب على امره، تحاول ان تحظى بقدر من الحياة ولو بالخفاء، وبسبب خوفها من كلمة عانس تضطر للزواج من رجل لا تملك له اي مشاعر لتجد نفسها بعد بضع اعوام اسيرة لمن لا يشبع من اجساد النساء، عالقة مع اطفال تحت رحمة رجل مهمل خائن. يذكر جميع الكتاب العراقيين ان هم الرجل العراقي الاول المال والمتعة الجسدية، وهم اصابوا الحقيقة. املين بالمزيد من تقدم للرواية العراقية لتواكب الرواية عالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى