المسرح الاسباني والحداثة
عدسة الفن – سوسن مهدي
يوجد داخل صرح المسرح الإسبانى قضايا عديدة أخذت طريقها للفناء الأبدي، قضايا عديدة لم تكن حية حقًّا وغيرها الكثير، الذي ما إن دام على قيد الحياة، حتى بات متحجراًَ ساعة تأريخه. وبالأخذ فى الاعتبار دوماً مثل هذه الأحداث.
جاء عصر النهضة وإسبانيا مسيطرة على كل أوروبا تقريباً في المجال الفني فالنتيجة تقريبا كانت مخيبة للآمال ويرجع السبب في هذا إلى عقبتين رئيسيتين هما: عهد محاكم التفتيش وهزيمة (الأرمادا) الإسبانية.
إذ اعتبرت هذه الأخيرة وسيلة لتشجيع الكتاب والمبدعين على أن يستمروا في الكسل الفكـري والإنزواء والابتعاد عن التعمق في التفكير ونتيجة لهذا الوضع المزري الذي أصبح عليه الكاتــب والمبدع الإسباني توجه هذا المبدع إلى الدراما للهروب من واقعه اليومي والمعيشي.
وعرف هذا العصر ظهور عدد كبير من الكتاب المسرحيين ومن أبرزهم: (سرفانتس، جوان رويز دي، كالدرون ولوب دي فيغا) وقد كان هذا الأخير يعتبر الكاتب المسرحي الوحيد الذي استطاع أن يخرج مسرحيات للوجود لم يكن يتصورها العقل. إذ فاق عدد مسرحياته 2000 والتي تجمع التراجيـدي والكوميدي.
يتميّز المسرح الاسباني على إمتداد تاريخه بالتنوّع والغنى والثراء سواء في مواضيعه أو نصوصه أو جوهره.
وحريّ بنا أن نلقي نظرة على ثلاثة من أبرز أقطاب المسرحييّن الإسبان في هذا العصر وهم (رامون دي فاييّى إنكلان)، و(بويرو باييّخو) و(لويس ريّاثا) الذين يمثلون إتّجاهات مختلفة للنصّ الدرامي في المسرح الإسباني في حقب متفاوتة من تاريخنا المعاصر.
لم ينجح المسرح الكلاسيكي الحديث (النيوكلاسيكي أو الحركة الكلاسيكية الحديثة) في اختراق أذواق الإسبان، ففي بدايات القرن التاسع عشر كانوا لا يزالون يصفقون للأعمال المسرحية التي كُتبت سابقاً في العصر الذهبي. وقد أُهملت هذه الأعمال من قِبَلِ النيوكلاسيكيون لأنها لا تخضع لقاعدة الوحدات الثلاثة (وحدة الحدث والمكان والزمان) ولأنها أيضا تخلط بين العناصر الهزلية مع الدرامية. ولكن هذه الأعمال كانت جذابة خارج إسبانيا للسبب نفسه، أي لأنها لا تخضع للمثالية التي ينادي بها النيوكلاسيكيون. وقد حققت الرومانسية في المسرح الإسباني نجاحاً باهراً، وكان العام الأهم على الإطلاق هو عام 1835 عندما افتُتِحَت مسرحية (دون ألبارو) أو (قوة المصير(
(Don alvaro o lafuerza del sino)
والتي كتبها (دوق ريباس) (1865-1791).