السير (انتوني هوبكنز)…سيد افلام الرعب وامير الادوار الارستقراطية
نور الدين الموسوي
هو من الممثلين الذين يعتمدون على موهبتهم وليس عضلاتهم، لتربيته تأثير كبير على اختياره ادواره، في شخصياته ملامحه يطغي عليها البرود الانكليزي الجاف، الا انه في لحظة ينقلب عنيفاً وخطيراً، لم يأخذ من شهرة هوليوود بل اضاف لها بريقاً مرعباً بشخصيات اخافت الجمهور والممثلين على حد سواء. (أنتوني هوبكنز) نجم سيرة فنان لهذا الاسبوع.
نشأته
ولد (فيليب أنتوني هوبكنز) في 31 كانون الثاني عام 1937، في ويلز/ بريطانيا ، وهو ابن وحيد لأب يعمل خبازاً وأم ربة منزل كانت قريبة للشاعر الإيرلندي (ويليام بتلر ييتس)، عاش اعوامه الأولى في (ويلز) والتحق بالكلية الملكية الويلزية للموسيقى والدراما عندما كان عمره 15 عاماً فقط، وذكر (انتوني) في احد حوارته قائلا :”كنت تلميذا بليداً، وكان المدرسون يعتقدون أني غبياً، كنت شغوفاً فقط بالموسيقي، فقد كنت اجيد العزف على ألة البيانو، ثم أدركت في النهاية أن التمثيل هو موهبتي الحقيقية، ولا بد وأن أصبح ممثلا، لأنني لم أكن اصلح لأي شيء آخر”.
حياته الشخصية
تزوج (هوبكنز) من (بترونيلا باركر) للفترة من (1967 -1972)، وكان للزوجين ابنة واحدة هي (أبيجيل هوبكنز). ثم تزوج مرة أخرى من (جنيفر لينتون) من عام 1973 ولغاية عام 2002. وفي عام 2002، تزوج من زوجته الثالثة (ستيلا أرويف).
سيرته الفنية
بعد التخرج في عام 1957، قضى (أنتوني هوبكنز) عامين في الجيش البريطاني قبل أن ينتقل إلى لندن لبدء التدريب في الأكاديمية الملكية للفن الدرامي. بعد التدريب والعمل لعدة اعوام تبناه الممثل الأسطوري السير (لورانس أوليفييه) الذي يرجع إليه الفضل في اكتشاف موهبة (هوبكنز)، حيث دعاه للانضمام إلى المسرح الوطني الملكي وأن يكون بديلاً له. وذلك عندما أضطر (أوليفييه) للتخلي عن دوره بسبب التهاب الزائدة الدودية خلال إنتاج مسرحية (رقصة الموت)، فتقدم (هوبكنز) بدلاً منه وأبهر الجميع بأدائه بصفته وريث (أوليفييه) في عرش التمثيل البريطاني. بدأ على الشاشة الصغيرة في عام 1967 بإنتاج الـ(BBC) لعمل (A Flea in Her Ear)
ثم قام بدور (ريتشارد الأول) ملك إنجلترا في فيلم (أسد في الشتاء)، عام 1970 لعب دور (تشارلز ديكنز) في الفيلم التليفزيوني
(The Great Inimitable Mr. Dickens)
توالت بعدها أعماله المتنوعة، حيث قام عام 1986 بإصدار أغنية منفردة بعنوان (Distant Star) وبعدها قام بالمشاركة في أفلام عديدة أشهرها
(A Bridge Too Far),
(The Elephant Man),
ولطالما كان أسلوبه في أداء الأدوار مثيراً لإعجاب النقاد والممثلين الشباب على حدٍ سواء ولكن بالرغم من مسيرته الواعدة، إلا أن (هوبكنز) عانى طويلاً من الإدمان على الكحول، وكان ذلك في بداية حياته الفنية والتي واجه فيها الكثير من العثرات، وقال ذات مرة:”قمت بتدمير عدة عقود من حياتي، ولم أتمكن من التمتع بالتمثيل بشكل كامل حتى تخلصت من شياطيني”، حيث بدأ في عام 1975 بحضور اجتماعات المدمنين على الكحول والعمل على التعافي منه. جاء عام 1991 الذي أعلن عن وجود موهبة ضارية غير مروضة يمتلكها (هوبكنز) ظهرت في الفيلم الرائع
(The Silence of the Lambs)
والذي فاز من خلال دوره به على جائزتي الأوسكار والبافتا، فقد تألق في دور الطبيب المخبول (هانيبال ليكتر)، واستطاع من خلال ادائه أن يجعل لشخصية (ليكتر) الطاغية كاريزما خاصة من خلال نظرة عينيه ولغة جسده وصوته وهمسه المخيف، وقد نال (هوبكنز) جائزة الأوسكار كأحسن ممثل بالرغم من أن ظهوره على الشاشة في الفيلم لم يتجاوز 16 دقيقة فقط . في عام 1993 شارك (هوبكنز) في فيلم
(The Remains of the Day)
مع (ايما ثمبسون)، والذي رشح لثماني جوائز أوسكار منها أفضل ممثل لـ(هوبكنز)، ومن الأفلام الهامة التي لمع فيها فيلم (برام ستوكر: دراكولا) مع المخرج الكبير (فرانسيس فورد كوبولا)، والذي قام فيه بأداء شخصية (فان هيلسنج) الطبيب المعالج الروحاني الذي يتصدى لمسخ الظلام الكونت (دراكولا).
عام 1993 قام بدور الروائي الشهير (سي. إس. لويس) في فيلم السيرة الذاتية (Shadowlands) الذي ترشح عنه للبافتا الإنجليزية لأفضل ممثل. عام 1995 ترشح للأوسكار للمرة الثالثة عن أدائه لدور الرئيس الأمريكي المثير للجدل (نيكسون) في فيلم (Nixon) وفي العام التالي مباشرًة ترشح للأوسكار لأفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم (Amistad) من إخراج المخرج الكبير (ستيفن سبيلبرج). كذلك له تجربة في مجالي الاخراج والكتابة من خلال فيلم (Slipstream) عام 2007 وشاهدناه مؤخراً في مسلسل (West Wolrd) المأخوذ عن مسرحية وفيلم سابقين. لكن أفلامه المقبلة ستعيده إلى الشاشة الكبيرة بدءاً من هذا العام. خطف هوبكنز الأضواء على رغم مشاركة نجوم لامعين في فريق العمل. فهو رائع بشعره الأبيض المقصوص، وسلوكه الذي يبدو احياناً كطاغية بدأ خسارة قواه أو شارب خمر دخل في ثورة غضب هائجة.
ادواره في افلام الرعب
عن سر تميزه في أفلام الرعب التي يلقب بأنه سيدها، يقول:”إن كل عمل اقوم به يتطلب مني إعداداً جيداً ليس على مستوى التمثيل فحسب، بل على مستوى دراسة الشخصية وخلفيتها والبحث وراء لغتها وموطنها لألم بتفاصيل كل شيء” ومن المعلومات عنه انه قد أرتجل العديد من الجمل أثناء تأدية دور (هانيبال ليكتر)، ولم يرف جفناه أثناء قول الجمل في هذا الدور ليجعل الشخصية مخيفة أكثر، فهو يحب أفلام الرعب، والفيلم المفضل لديه هو
(Rosemary’s Baby).
كما صرح في قول شهير له:” انا استطيع لعب الوحوش بشكل جيد، انا افهم الوحوش وافهم المجانين”.
اهم افلامه
بجعبته ما يقارب اداءً لـ(133) شخصية ولديه ثلاث افلام من اخراجه وثلاث افلام كمنتج، من اهم افلامه واشهرها (الرجل الفيل)، (صمت الحملان)، (دراكولا)، (بقايا اليوم)، (اساطير الخريف)، (اميستاد)، (الحافة)، (قناع زورو)، (فطرة)، (الاسكندر)، (ثور)، (هتشكوك)، (المتحولون-اخر فارس).
رغم ان (انتوني) بلغ الواحد والثمانين من عمره فما زالت سيرته الفنية تنبض بالاعمال الرائعة وحالياً ينتظر له صدور فيلمي
(The Pope),
(Now Is Everything),
الجوائز والتكريمات
رشح للعديد من الجوائز اذ بلغ عدد ترشيحاته (62) ترشيحاً منها اربع مرات لجائزة الاوسكار، فاز بجائزة اوسكار واحدة لافضل ممثل رئيسي عام 1992 عن فيلم
(The Silence of the Lambs)
كما فاز بما يقارب (49) جائزة مختلفة.
وقد كرم الممثل (انتوني هوبكنز) من الملكة اليزابيث الثانية عندما منحته لقب فارس عام 1993 ، وفي عام 1997 صنف هوبكنز من خلال مجلة (امبيير) البريطانية بأنه رقم 57 من بين أفضل 100 ممثل في التاريخ، وفي عام 1993 منح وسام الفروسية.
لا يمكن نسيان ملامح (انتوني هوبكنز) فحتى في ابسط ادواره تكلمنا عينيه وينفد لاعماق روحنا صوته ذو اللكنة الانجليزية المترفة. من قراءة سيرته الفنية نجد ان حافظ على ان يكون له خط مميز في انتقاء الشخصيات التي يؤديها، ورغم وجود بعض المشاركات الشرفية او ادوار صغيرة له في افلام تجارية الا حافظ بتميزه واناقته وحضوره وشخصيته الطاغية على حضور زملائه، انه ممثل كل العصور وبكل جدارة.