اين الله …الدين والوعي الفلسفي
عدسة الفن – صادق رعد
لقد فكك ألبشر ألاله إلى أجزاء، كل حسب حاجته، فهو طيب عند بعضهم ، ومرعب عند أخرين، أما الكهنة فجعلوا منه أجيرا عندهم، يطعمهم بسخاء مقابل دخان مبخرتهم. قد يخطئ الإنسان في بحثه لكن من غير اللائق وليس من التقوى أن يعيش الإنسان مثل الأحمق.
مكسيم جوركي) هو من رواد الكتاب الروسيين والذي قد رشح خمسة مرات للحصول على جائزة نوبل للأدب، عكست الرواية جملةً من الأفكار والتي جسد فيها بشكل واضح بعض من أفكار الشيوعية فقد كان صديقاً لـ(لينين) و اصداء افكار الفيلسوف الفرنسي ( فريدرك نيتشة ) ولاسيما مقولته الشهيرة ( لقد مات الاله! )، ومن ناحية أخرى قد حكى عن معاناته بشكل ضمني، فقد أظهر وجها اخر للمتدينين وهو الوجه المظلم والذي يستخدمون به الدين لمصالحهم ولسرقة الناس بحجة إرادة الاله. (ماتفي) هو بطل رواية (مكسيم) والذي ولد لقيطا لا يعرف من هو أباه ومن هي امه وعاش حياة صعبة مليئة بالمشاق، بعد أن واجه بطل القصة الكثير من المعضلات الأخلاقية وعرف حقيقة المتدينين فقد خلع رداء الأيمان المزيف وآمن بمبدأ واحد، إنه مبدأ البحث عن الحقيقة مهما تطلب الأمر.
لقد واجه (ماتفي) مثل الكثيرين معضلة أخلاقية كبيرة وهي هل سيسرق من غيره ويسبب لهم الضرر وينقذ نفسه من ظلم الحياة له؟ هذا ما جعل (ماتفي) يناجي ربه ولكن من دون فائدة لذا كان عليه ان يتخذ قراره بنفسه، لقد وصل إلى مرحلة تخلى فيها عن كل ما كان يعتقد بانه صحيح حتى انه رأى ان الحياة عبثية لا معنى لها ولا من عيشها بآلامها ومآسيها حتى اقتربت العدمية من القضاء عليه، فما يعطينا معنى لهذه الحياة هي مثاليتنا وصراعنا اللانهائي مع العالم، لقد انتقل (ماتفي) بثلاث مراحل وهي التفكيك والعدمية والبناء فبعد أن يتفكر الشخص في معتقداته يبدأ بالتشكيك فيها فيفكك مبادئه ثم يبقى تائها في فضاء العدمية واللامعنى إلى أن ينتقل للمرحلة الأخيرة وهي البناء الذي يتبنى بها مجموعة من العقائد والمبادئ.