أمسية صيفية في بلاد الشمال..جوهر الحب المرتبط بالطبيعة
عدسة الفن – سيف علي – العدد 54
كان رومانسيّو القرن التاسع عشر السويديون يُبرِزون في أعمالهم العلاقة الروحية التي تربط الإنسان بالطبيعة، وكانوا يروّجون للبدائية كأسلوب حياة، ولهذا كانت مناطق الشمال الاسكندنافي التي تتميّز بغاباتها الكثيفة وكثرة غدرانها وبحيراتها وجبالها مقصدا لأفراد الطبقة البورجوازية الذين كانوا يذهبون إلى هناك للاستجمام وممارسة الرياضة وقضاء فصل الصيف في أكواخ ونزُل بدائية. وتعد لوحة (امسية صيفية) للفنان السويدي (ريتـشـارد بـيـرغ) المرسومة عام 1900 مثالاً عما روج له هؤلاء الفنانين. رسم (بيرغ) هذه اللوحة مصوراً بها رجلاً يرتدي ملابسا غامقة تماثل ملابس الطبقة المرموقة وامرأة ترتدي اللون الأبيض الشاحب يظهرها كالملاك في إحدى أمسيات الصيف، ويقال انه استغرق العمل عدة اعوام في محاولة لاختيار الوضعية الأكثر ملائمة لوقوف الشخصيتين فيها. اللوحة تظهر رجلا وامرأة يقفان في شرفة منزل كلّ منهما بمواجهة الآخر أمام منظر طبيعي يتوسطه بحيرة جميلة وأشجار خضراء في فصل الربيع وقت الغروب تظهر الشخصيتان منفصلتين عن بعضهما ولكن متوحدين روحياً بتأملهما للطبيعة، ربما اراد الرسّام من اختيار وضعية الوقوف هذه التأكيد على المساواة بين الجنسين، ولكن قد تعبر اللوحة بموضوعها عن تلك اللحظات التي نشعر بها ان الكلام لن يكفي للتعبير عن المشاعر، وان الأرواح وصلت مرحلة التوحد والقلوب استطاعت ان تتلامس فيما بينها، لحظة سحرية نهتم ان نعيشها وليأتي بعدها هذا ما يأتي، فالأهم هذه اللحظة.
هذه اللوحة لديها عنوان آخر هو (الأنوار الشمالية) لأنها تظهر جمال طبيعة الشمال في وقت الربيع والصيف، بتفاصيل مرسومة بعناية، تشعر الذي يراها للوهلة الأولى انها صورة فوتوغرافية لشدّة واقعيّتها، مع ان اللوحة رُسمت قبل أكثر من مائة عام.