نور الدين الموسوي
هو ليس ممثلا عادياً، بل ملتوٍ، غريب، نادر، مجنون، معتوه ومثير للجدل، هذه الصفات غالبا ما ترتبط بهذا الممثل الذي يعد من الشخصيات الأكثر تفردا في هوليوود، ثرثار إلى حد التخمة، وخجول إلى حد الانطواء، ويحرص بغيرة شديدة على خصوصياته، لكنه يعترف بأنه يختار الأدوار كما لو أنه يختار عشيقة له، والأمر نفسه ينطبق على اختيار المخرجين، النجم (واكين فينيكس) نجم سيرة فنان لهذا الاسبوع.
نشأته
اسمه (واكين رفاييل بوتم) من مواليد 28 تشرين الاول 1974 من (سان خَوان/ بورتوريكو)، رغم انه تربى ضمن حياة عائلية ذات تجمع ديني الا انه عُرف بطبعه المتمرّد منذ الصغر، وزار بلدان عديدة لاعوام طويلة مثل ايرلندا، اسبانيا، بورتوريكو، الولايات المتحدة الأمريكية. كل فرد في عائلته يحمل اسما للطبيعة (نهر، مطر، فراشة، الحرية، الصيف) لذا هو الآخر رغب في تغيير اسمه من (واكين) الى (لييف)، اي ورقة، عندما كان في الرابعة من عمره.
من أجل أن يساعد أسرته ماديا كان (واكين) يقوم بالتمثيل والغناء في الطرق وحفلات المواهب، حتى قام باكتشافه خبير المواهب (إيريس بورتون) عام1982.
أخوه (River Phoenix) كان ممثلاً واعداً، ترشّح للأوسكار عن دوره في فيلم (Running on Empty) وأشهر أدواره كانت في فيلم (Stand By Me) ووفاته في عمر الـ23 شكلت صدمة كبيرة لأخيه الأصغر (واكين).
يُعرف (واكين) باهتمامه بمجال حقوق الحيوان، حيث إنه عضو في (بيتا) وهي منظمة أمريكية مهتمة بحقوق الحيوان.
حياته الشخصية
ارتبط في التسعينيات بالممثلة (ليف تايلور)، ومن ثم انشأ علاقة مع منسقة الموسيقى (الي تيليز)، وفي عام 2014 واثناء ظهوره في برنامج (ديفيد ليترمان) اعلن خطوبته على مدربة يوغا دون ان يعلن اسمها، واخر علاقاته والتي مضى عليها اكثر من عام مع الممثلة (روني مارا) التي تصغره بعشرة اعوام.
سيرته الفنية
اعتاد على أداء أدوار صعبة وشخصيات معذبة تنعكس من نفسيته وسلوكياته، فعلى مدار أكثر من عشرين عاما ، قدم (واكين فينيكس) العديد من الأدوار جعلت منه اسما متفردا في عالم التمثيل بشخصية تثير الانتباه وتطرح الكثير من الأسئلة. قدم العديد من الإعلانات التلفزيونية والمسلسلات لفترة مثل مسلسل (Seven Brides for Seven Brothers) عام 1985، قبل أن يترك مجال التمثيل ويسافر مع والده الى المكسيك، ولكنه عاد إلى التمثيل مرة اخرى عام 1995 للمشاركة في فيلم (To Die For) عام 1995 حيث لعب دور مراهق مضطرب مع (نيكول كيدمان) التي لعبت دور (سوزان) المذيعة الفاتنة التي تقوم بإغرائه من أجل أن يقتل زوجها، هذا الفيلم كان الخطوة التي ادخلته عالم الفن،
في عام 1997 قدم فيلم (Inventing the Abbotts ) وشاركه التمثيل كل من (جينيفر كونلي) و(ليف تايلر) بدور أختين أرستقراطيتين، ولعب (واكين) دور (دوغ) الشاب البسيط المنتمي الى الطبقة العاملة الفقيرة والذي يعشق (باميلا) ومنذ الطفولة لا تستقر علاقتهما، حتى تعيد يد القدر لقائهما عندما يبلغان سن الرشد ليكتشفا خفايا علاقة عائلتيهما ببعضها فهل ما سيكتشفانه سيؤثر على حبّهما المتبادل أم أن الحب اقوى من العقبات؟ المعروف ان كلا من (واكين فينيكس) و(ليف تايلر) ارتبطا بعلاقة لاكثر من ثلاث اعوام بعد لقائهما أثناء تصوير هذا الفيلم.
استمرت اعماله في حقبة التسعينيات لتشمل افلاما مثل
(8MM),
(Clay Pigeons ),
(Return to Paradise)
عام 1998 الذي مثل فيه دور السجين العالق بين الموت والحياة اذ ينتظر دوره للإعدام إثر حيازته المخدرات في ماليزيا فيعيش أياماً عصيبة في أحد السجون القذرة في كوالا لامبور بانتظار أن تنقذه معجزة، لينحدر شيئاً فشيئاً الى حالة من الهيستيريا إثر معاناته من سوء التغذية ورهاب الأماكن المغلقة، ورغم جدية الموضوع وصعوبة اداء الدور لم يحظ الفيلم بأية جوائز أو شهرة.
النجومية والشهرة
مع بداية الالفية الثانية امتعنا (واكين) بمشاركته بافلام كبيرة كان اهمها وبدايتها مع فيلم (Gladiator) عام 2000
يلعب (واكين) دور (كومودس) الابن المضطرب الشرير لإمبراطور روما المحتضر بميوله الغريبة تجاه اخته وحلمه بأن يصبح ديكتاتوراً، فيدخل في منافسة شرسة على كرسي الحكم في وجه (ماكسيموس)، نال الفيلم خمس أوسكارات وتم ترشيح (واكين) لاوسكار افضل ممثل مساعد لاول مرة، اصطحب (واكين) والدته الى حفل الأوسكار الأول له واصطحب اخواته في الحفلات اللاحقة مما يبين علاقته الوثيقة بعائلته.
بعد عدة افلام مثل (The village) عام 2004، شارك بالفيلم الشهير (Walk the Line) عام 2005، الفيلم الذي وضعه في صفوف النجوم الاولى، جسد فيه دور المغني الأيقوني لموسيقى الكانتري الراحل (جوني كاش)، ويقال ان (كاش) اختار (واكين) شخصياً بعد أن أُعجب بأدائه الرائع في فيلم (Gladiator) قبل مماته ليجّسده في الفيلم، وقد ادى مجهود استثنائي اذ تدرّب مع زميلته في البطولة (ريس ويذرسبون) على آلاتهم الموسيقية وتلقوا دروساً في الموسيقى والغناء لأشهر عدة قبل بدء التصوير فبدا تأديتهما للأدوار في غاية التكامل والانسجام.
استمرت الافلام التي يشارك بها (واكين) رغم قلتها الا انها كانت بقيمة فنية عالية، فشارك في فيلم (Two Lovers) عام 2008 وتعاون فيه مع المخرج (جيمس غراي) والممثلة (غوينث بالترو) ويبدو ان هذا الدور كان الاقرب لشخصيته الحقيقية كونه مثل شخص مضطرب قليلاً يواجه صعوبات بين ما يرغب به وما يجب الالتزام به، كما تعاون مع ذات المخرج في فيلمين اخرين هما (We Own the Night) عام 2007، و(The Yards )عام 2000، وفي عام 2012 سطع نجمه من خلال مشاركته في فيلم ترشح بسببه للاوسكار مرة اخرى وهو فيلم (The Master) فتفوق على نفسه في تأديته لشخصية (فريدي كويل) المتنمّر والمتضرر نفسياً إثر مشاركته في الحرب العالمية الثانية، واستمر بتادية ادوار الشر فنجده في فيلم لم يحصل على شهرة واسعة وهو فيلم (The Immigrant)
عام 2013 مع النجمة ( ماريون كوتيار) اذ مثلا شخصيتين مختلفتين احداها بريئة طاهرة والاخر استغلالي وضيع يضع القدر احدهما تحت سلطة الاخر، ثم اثار الاهتمام بمسيرته الفنية من خلال مشاركته بفيلم (Her) في عام 2013 حين ادى دور (ثيودور) الشاب الذي يعاني من وحدة قاتلة يعيش في المستقبل القريب يدفعه ذلك الشعور الى اقتناء جهاز كالهاتف الذكي ولكن أكثر تعقيداً فيُغرم تدريجياً بنظام التشغيل يطلق على نفسه اسم (سامانثا). في عام 2014 عاد للتعاون مع (ريس وذرسبون) والمخرج (بول توماس اندرسون) في فيلم
(Inherent Vice)
الذي ترشح لاوسكارين. اخر اعماله التي عرضت مؤخرا ولاقت نجاحا كبيرا هو فيلم (You Were Never Really Here) والجميع ينتظر اداءه في الفيلم القادم
(Untitled Joker Origin Movie).
الجوائز والترشيحات
*ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم (المصارع)، بالإضافة إلى ترشحه عن هذا الدور لجائزة غولدن غلوب، وجائزة (البافتا).
*حصل على ترشيح الأوسكار الثاني له عن فيلم (Walk the Line) كأفضل ممثل رئيسي عام 2005 ولكنه لم يفز به، ولكنه حصل على جائزة الغولدن غلوب الأولى له حيث جسد دور (جوني كاش).
*في عام 2012 قام ببطولة فيلم (The Master) ليترشح عنه لجائزة الأوسكار الثالثة في تاريخه دون أن ينالها أيضا.
*في عام 2013 قام ببطولة فيلم الخيال العلمي الرومانسي (Her) لينال عنه ترشيحا آخر للغولدن غلوب.
*حاز على جائزة (الجرامي) الموسيقية عن تسجيله للموسيقى التصويرية لفيلم
(Walk the Line).
(واكين) تميز بصوته الأجش والندبة فوق شفتيه واداء شخصيات اقل ما يقال عنها مضطربة، لذا يبدو حقاً فريداً من نوعه، فهو كنجم لم يسير على خط مرسوم بل صنع خطاً فنياً مميزاً له ربما سيكون قدوة لغيره من الممثلين القادمين.
