نوافذ سينمائية

(Autumn Sonata) ..ام وابنتها…وسيناريو يتكلم عن نفسه

مرتضى فاضل

اجمل اللحظات الهادئة هي التي تسبق العاصفة، فتكاد تطرق باب السيدة (ايفا) وتقول لها ما اجمل هدوئك عندما تكتبين، (ايفا) وزوجها (فيكتور) يعيشون حياة طبيعية بدون ضوضاء وضجيج الناس من حولهم، لكن (ايفا) يلازمها حزن دائمي لايفارقها، ومعها تسكن اختها (ايفا) البنت الجميلة التي تجلس على كرسي متحرك بسبب شلل في قدمها ويدها، يكاد ينعدم صوتها لكن بكائها يقطع اوصال القلب، الام (شارلوت) والدة (ايفا) و(هيلينا) كانت ولاتزال مشغولة بأعمالها الموسيقية، تأتي في زيارة لبيت ابنتها ليبدأ هنا اعظم سيناريو سينمائي حيث عمد (انغمار بيرغمان) افضل مخرج في الافلام الفلسفية الى كتابة سيناريو مليء بتعابير الفرح والحزن ممزوجة بقالب من الخوف والقليل من القلق حتى نرى عظمة سينمائية الحوارات المتبادلة بين الام والابنة (ايفا) فنرى فيها تعابير غاضبة وهادئة احيانا، ونرى ربما علامات البهجة والامل من عيون (ايفا) لعودة امها بعد ان تتركها لاعوام، لكن ماذا عن (هيلينا)؟ تلك الفتاة الجميلة التي فقدت كل شي بعد الرحيل المفاجئ لـ(ليونارد.(
الفيلم يعتبر اجمل ما قدمت السينما السويدية وهذا ليس بجديد عليهم لانهم يملكون رمز من رموز السينما وافضل صانع افلام فلسفية معبرة عن طبيعة الانسان، عندما ننظر الى الفيلم بشكل عام والشخصيات بشكل خاص نجد اعظم تجسيد حدث في تاريخ السينما وكأنها قصة حقيقية وليست من وحي الانسان، مشاهدة الفيلم هي تجربة نفسية شديدة القتامة والتأثير، وتعامل المخرج سينمائياً مع التشريح النفسي المؤلم الذي يقدمه للشخصيات أقل ما يُقال عنه أنه عظيم.
يجب ان لاننسى الدور الكبير والغير واضح للحظات التي نشاهد بها لقطات فلاش باك لا نسمع منها شيئاً ولكنها تزيد من حدة المشهد، اللحظات القليلة التي تظهر فيها موسيقى خافتة على شريط الصوت وكأنه يواسي شخصياته أو يعاتبها، اللحظة التي يختار فيها أن يضئ الكادر أو يُظلمه، المونتاج الناعم في الانتقالات، الجماليات الموجودة في الفيلم كثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى