سيرة فنان

يسرا..اميرة فرعونية باداء ساحر وجمال لا يفنى

امال عباس

على مر الاعوام نتعرف على نجمات يبرزن على الشاشة الصغيرة والكبيرة، قد تلمع نجومية البعض منهم وقد ننسى الكثير، لكن (يسرا) استطاعت ومن خلال مشوار فني يمتد لما يقارب اربعين عاما ان تبقى في قائمة الصدارة كونها مزجت سحر الانوثة وواقعية الادوار المنتقاة بعيدا عن الادوار المثالية فرأيناها شريرة، طيبة، قوية ومنكسرة، تتلون وتلمع في اعين محبيها فكانت دانتيلا السينما الرقيقة وملكة شخصياتها القوية، (يسرا) نجمة صفحة فنان لهذا الاسبوع.

نشأتها
اسمها الحقيقي (سيفين محمد حافظ نسيم)، ولدت في 10 اذار عام 1955 في القاهرة، وعرفت بين ذويها باسم (يسرا)، بينما كانت والدتها تشاهد أول فيلم عبد الحليم حافظ (لحن الوفاء) على شاشة السينما شعرت بآلام الوضع، وفي طريقها للمستشفى بدأت يسرا تطرق أبواب العالم في سيارة أجرة، عانت يسرا من الحرمان من والدتها وهي في عمر الثالثة عشر، فبعد انفصال والديها جاء الأب ليأخذ يسرا، كالمعتاد لتقضي معه الإجازة، وشعرت في ذلك اليوم أنها لن تعود لوالدتها، وكان حدسها صحيحا، وبالفعل حرمت من حضن والدتها لمدة سبعة اعوام وصفتها بانها اعوام حياتها الاصعب، فجعلها هذا الحرمان أقوى وأكثر صلابة وشجعها على بناء شخصيتها، لم تكمل يسرا تعليمها بسبب والدها الذي كان شكاكا ومزق شهادتها وحرمها من الالتحاق بالجامعة الامريكية التي كانت تحلم بها، وأراد أن يقيد حريتها في الخروج، ولكن ذلك لم يؤثر على ثقة يسرا بنفسها، بل على العكس، لأنها ترى أن ما تعلمته في حياتها ا يوازي التعليم الأكاديمي، فحولت نقطة الضعف هذه لنقطة قوة، وحرصت على القراءة بكثرة ومجالسة المثقفين مثل صلاح جاهين، واكدت انها لو وصلت للـ70 من عمرها فسيبقى لها امل ان تكمل تعليمها.


حياتها الشخصية
في حياتها الخاصة هناك اسم واحد تتحدث عنه يسرا دائما هو زوجها وحب حياتها (خالد سليم)، شقيق النجم هشام سليم، التي بدأت قصتهما معا منذ الطفولة، فقد كانوا أصدقاء في عمر السابعة، ثم اتجه كلا منهما لحياته وتزوج كلا منهما وانفصلا، فقد عاش خالد في المانيا 12 عام وعاد عام 1996، والتقيا في عرس إبنة خالته وبدأت ساعتها قصة الحب ليقررا الزواج. أما سر نجاح علاقتهما معا كما تقول يسرا، هو إحساسها بالأمان مع خالد سليم، وهو الشعور الذي افتقدته في حياتها حتى ظهر خالد سليم والذي تراه رجلا يثير إعجابها دائما.


سيرتها الفنية
بتجاوزها عمر الـ 21 عاما تحسست يسرا أولى خطواتها الفنية، حينها اشترط والدها على المنتجين بأن يكون هو المشرف عليها، واكتشف موهبتها مدير التصوير عبد الحليم نصر، وبدأت حياتها السينمائية في أواخر السبعينيات، وقدمت عدد من الأفلام في تلك الفترة لكن هناك مخرج واحد استطاع أن يعيد اكتشافها سينمائيا هو الأستاذ والمخرج يوسف شاهين، وبدأت قصته مع يسرا في الأفلام التي تناولت سيرة يوسف الذاتية مثل (حدوتة مصرية)و(إسكندرية كمان وكمان)، تعاونها مع يوسف شاهين كشف موهبتها وطورها وجعلها تفهم عالم الفن السابع وتراه بطريقة أخرى، وهي تؤكد دائما تأثير المخرج يوسف شاهين عليها، أول ظهور لها كان عام 1973 على الشاشة الفضية، تبرر عملها في بداياتها ببعض الأفلام التي قد لا ترقى إلى مستوى فني جيد بقولها: ” عندما بدأت كانت بداخلي شحنة كبيرة للتمثيل، وكان مجرد تفريغها يرضيني، وشيئا فشيئا أدركت الفرق بين الانتشار والاختيار”، استمر مشوارها مع السينما المصرية من فيلم لآخر حتى استطاعت أن تكتسب شعبية كبيرة في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات، ومنها مجموعة من الأفلام التي وقفت فيها أمام الفنان عادل إمام، وكما ليوسف شاهين تاثير فان تعاونها المثمر مع عادل امام كان له اثر كبير ايضا فمثلا معا لأول مرة من خلال فيلم (شباب يرقص فوق النار ) عام 1978، وقدمت بعدها معه نحو 15 فيلماً. وبالمثل فان عادل إمام والكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج المبدع شريف عرفة وجدوا في (يسرا) الخلطة السحرية لنجمة التسعينيات، فهي الأنثى الجميلة التي تتحالف مع سلطة المال المتوحشة فتكسب أحيانا وتخسر في أحيان أخرى، ورأينا ذلك في أفلام مثل (طيور الظلام)، (الإرهاب والكباب) و(المنسي)، ومما لا شك فيه أن تلك الأفلام مثلت علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية حيث حاولت الغوص في العالم الخفي لصناعة القرار في مصر في تلك الحقبة.
وإذا كانت أفلام عادل إمام ويسرا، اقتربت من السياسة وأرض الواقع، فعلى العكس كانت لقاءات يسرا، مع العبقري أحمد زكي تحاول أن تلمس مشاعر البشر وتناقضاتها، وتقدم فلسفة الحياة فعلاقتها مع احمد على الشاشة علاقة مبهرة وفي الحياة ايضا حيث استمرت صداقتهما، جسدت بافلامها المرأة التي تكشف حقيقة الحياة والرجل، وتعمقت في العلاقات وتفاصيلها وما وراء احداثها بافلام مثل (الراعي والنساء.(


اهم اعمالها
في السينما سطع نجمها ومنذ البداية بافلام مثل (قصر في الهواء) عام 1978، (ابتسامة واحدة تكفي) لنفس العام، (الانس والجن) عام 1985، (الجوع) عام 1986 وفي نفس العام قدمت اعمال مثل (الجلسة السرية)، (وصمة عار) و(سري للغاية) و(كراكون)، وفي التسعينيات قدمت افلام مثل (امرأة آيلة للسقوط)، (الارهاب والكباب)، (مرسيدس)، (المهاجر)، (طيور الظلام)، (جزيرة الشيطان)، (دانتيلا)، (دم الغزال)، (عمارة يعقيوبيان)، (الراعي والنساء) و(العاصفة.(
في الدراما التلفزيونية كان لها بصمة باشتراكها ولعدة اعوام بمسلسلات ذاع صيتها بشخصيات لا تنسى واداء متميز، فاصبح لها جمهور يترقب سنويا ما تقدمه، من اهم المسلسلات التي قدمتها (رأفت الهجان)، (حياة الجوهري)، (خاص جدا)، (بالشمع الاحمر)، (اين قلبي)، (ملك روحي)، (لقاء على الهواء)، (اوان الورد)، (قضية رأي عام)، (فوق مستوى الشبهات)، (لحظات حرجة) وحاليا يعرض لها مسلسل (لدينا اقوال اخرى) التي فازت بنسب مشاهدة عالية ومن اول الحلقات التي عرضت.
اما في الاعمال المسرحية فلها ثلاث مسرحيات هي (بداية ونهاية) عام 1985، (كعب عالي) عام 1996 و(لما بابا ينام) عام 2002.
خاضت تجربة الغناء وذلك بتقديمها أغاني منفردة ومن أشهرها (جنون الحب) و(جت نظرة عيونه)، واخرها أغنية (3 دقات ) مع المطرب محمد أبوالعينين، الشهير بـ (أبو) والتي حققت نجاحا كبيرا وتخططت 90 مليون مشاهدة خلال شهرين فقط من إطلاقها.


الجوائز والتكريمات
نالت العديد من الجوائز والتكريمات مثل جائزة افضل ممثلة عن دورها في فيلم (ليلة شتاء دافئة) عام 1981، وجائزة افضل ممثلة عربية من التلفزيون العربي الامريكي لنفس العام، وفي عام 1992 تم تكريمها من مهرجان فينيسيا الدولي في ايطاليا مع حضورها كضيفة شرف، وفي عام 1995 كرمت من مهرجان كان السينمائي، كما كرمت من معهد العالم العربي في باريس، تم تكريمها من مهرجان السينما والثقافة الرابع عشر لدول البحر الابيض المتوسط في فرنسا عام 1998، ومن مهرجان بيروت السينمائي في لبنان عام 1999، ومهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عام 2000، ومهرجان القاهرة الدولي عام 2006، وحصلت على جائزة (تورمينا أرت) للتفوق السينمائي من مهرجان تورمينا السينمائي عام 2007، هذا فضلاً عن حصولها على مايزيد عن 50 جائزة وعشرات شهادات التقدير. اختيرت يسرا في العام 2006 كسفيرة للنوايا الحسنة من قبل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي واختيارها جاء لشهرتها الواسعة في الوطن العربي واهتمامها الواسع بالمهمشين والمرأة ورحلتها الفنية الطويلة قدمت خلالها أدوارا متنوعة عن القضايا السياسية والاجتماعية والإنسانية من خلال السينما والتليفزيون ومشاركتها للعديد من الجمعيات الأهلية في نشاطاتهم الإجتماعية.
يسرا اقتربت من السبعين من عمرها وما زالت تتألق وتبدع وما زالت تحتفظ بجمالها الاخاذ الذي يبدو ان الزمن خسر ان يضع بصمته عليها، نضجها الفني يبدو جليا وواضحا في تطور الشخصيات التي تؤديها عام بعد عام، لذا يبدو انها ما دامت تتنفس الحياة وينبض قلبها ستمتعنا باعمال وشخصيات لا تكرر ولا تنسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى