عدسة الفن – محمد مهند
على أراضي الشرق الأوسط في تركيا نشأت حضارةٌ عظيمة، تفوقت وإمتازت على فارس وعلى روما وهما في أوج عظمتهما، جبروتهما، وقوتهما. قليلاً ما نرى إهتماماً بها سينمائياً، لكن هذا الأنيمي قرر التحدث عن الواقع الذي كانت تعيشه تلك الدولة، ليست قصة حقيقية جاءت من آراء الرحالة القدماء، ولا تستند على روايات أبداً، مجرد تخيلٍ بسيط عن واقع تلك الدولة، الدولة العُثمانية.
أنيمي (Shoukoku no Altair) ستظن في بادئ الأمر إنك تشاهد مسلسلاً يروي قصة تأريخية حقيقة رائعة تحكي عن إسطنبول وكيف كانت في ظل حكم الباشوات إلخ، لكن الأنيمي قدم الدولة العثمانية كإسم فقط، لم يتطرق للسياسة آنذاك، أو للدين والمعتقدات. قصة بسيطة وحالمة عن (محمود) ذاك الفتى الأشقر الذي يسعى لتحقيق حلمه جاهداً لكي يصبح (باشا)، في خضم رحلته، يتسع أفق تفكيره، ويسافر لمواضعٍ عدة، ويتعرف على أشخاصٍ عدة ستلفت نظرك بالطبع، بعضها شخصيات تأريخية حقيقية وبعضها لا، وبعض الأحداث المرمية هنا وهناك حقيقية وبعضها لا.
بعيداً عن القصة، أكثر ما أذهلني في الإنيمي هو الإعتناء بأدق التفاصيل، من ملابس القوم وإختلافها من مدينةٍ إلى مدينة، وطريقة اللفظ التركية، وأيضاً الألقاب والكنى، وكأن القصة منسوجة بطريقة خيالية متضاربة مع الواقع مما قدم لنا هذه القصة البسيطة. ويحسب للأنيمي أيضاً إعتناءه بـسرد الأحداث وترابطها بشكل مذهل وعجيب نوعاً ما. ويحسب له أيضاً الرسم وروعته في بعض المشاهد، فهو متباين أحياناً ومحشى ببعض لقطات الـ(CGI) التي كانت قليلةً ولا تسبب ضيراً أبداً، وبالنسبة للموسيقى فكانت جيدة رغم إن الإنيمي لم يستعمل أي معزوفات تركية أصلية فقط في بعض المشاهد وكان هذا مؤسفاً نوعاً ما، فإستعمال الموسيقى التركية أفضل بكثير ويقربك للعالم الذي تعيش فيه الشخصيات بشكل أكبر، لكنها جيدة بشكل عام وأيضاً الإفتتاحيتان كانتا جميلتين برغم تفضيلي للأولى.
ككل، قدم هذا الإنيمي قصةً بارعةً جداً، بشخصيات كثيرة جاذبةٍ لإنتباهك، ولم تستطيع تحديد الجانب الخير من السيئ منذ البداية، ويفضل أن تشاهده للإستمتاع ومعرفة بعض المعلومات عن الدولة العثمانية لا كلها. الأنيمي مكون من 24 حلقة وجاء تقييمه (7.56/ 10) في موقع (MAL).
