مسرح

(تاجر البندقية)…المسرحية المعضلة

عدسة الفن – إبتهال حامد                                              العدد:48

بسبب مزيجها المتكون من عناصر كوميدية وتراجيدية ورومانسية إضافة الى تناولها الإختلافات العرقية والدينية وصفها النقاد بالمعضلة، المسرحية مقسمة إلى خمسة فصول تدور أحداثها بين مدينتي البندقية وبلمونت وتبدأ بحوار بين التاجر أنطونيو وصديقه باسانيو يطلب فيه باسانيو من صديقه مالًا من أجل خطبة حبيبته بورشيا ولكن حينها لم يكن متوفرًا مع أنطونيو أي مبلغ من المال فطلب من صديقه أن يقترض المال وهو سيكفله به يلجأ باسانيو إلى شايلوك اليهودي المعروف في البندقية فيقترض منه ثلاثة آلاف دينار ويتعهَّد أنطونيو بكفالته بعد ثلاثة أشهر، يجد شايلوك في هذا فرصةً للإقتناص من أنطونيو الذي كان يحتقره دائماً فيضع شرطاً عجيباً وهو في حال عدم السداد في الوقت المحدَّد فإنه سوف يقتطع رطلًا من لحم أنطونيو، ووافق الأخير على الشَّرط على الرَّغم من محاولات صديقه باسانيو في إثناءه لكنه كان واثقاً بأنَّ بضائعه سوف تصل قبل ذلك. تتعثَّر بضائع أنطونيو بغرق مركبه في البحر مما يحول بينه وبين سداد المبلغ فيبدأ شايلوك بالمطالبة بتنفيذ الشرط أمام المحكمة، وفي يوم المحاكمة تتنكّر بورشيا بزيّ محامي وتدخل لتدافع عن أنطونيو وتنقذه وكان دفاعها يستند الى أنَّ القانون لن يسمح بسفك دمٍ مسيحيّ أبدًا، فرطل اللحم من حقّ شايلوك اليهوديّ لكنَّه إن نزلت قطرة دمٍ واحدة فسوف ينال عقوبةً تصل إلى الإعدام، وبهذا تمكنت بورشيا من إنقاذ حياة أنطونيو. تتناول المسرحية ثلاثة محاور رئيسية هي المحورالفني والمحور الاجتماعي والمحور الاهم هو السياسي، يعتمد المحور الفني جدلية الكوميديا والتراجيديا وأن إحدى إشكاليات المسرحية هي تصنيفها الأدبي: هل هي كوميدية أم تراجيدية؟ وغالبا ما تصنف المسرحية على أنها كوميدية، لكن إختلف النقاد بخصوص هذه المسرحية ما إذا كانت تجنح نحو الانسجام الكوميدي أو نحو التنافر التراجيدي. يقول هارلي غرانفيل باركر “إنه لا توجد واقعية في شرط شايلوك مستنتجاً أن المسرحية تنتهي نهاية سعيدة إضافة إلى شكلانيتها التي تقارب نهايات الحكايات الخرافية”،والمحور الأجتماعي يمكننا أن نميز فيه ركيزتين أساسيتين يتطلبها هذا الجانب أولاها العلاقات الإجتماعية الموجودة بين الجنسين، وثانيها النظرة إلى الآخر، أما المحور السياسي فإن موضوعها هو الصراع الديني وهذا غاية في الأهمية لأنه حاضر في التاريخ الحديث وبقوة كواجهة أيدلوجية للصراع السياسي، يندرج تناول شكسبير لمسألة شايلوك ضمن المسألة اليهودية التي كانت محتدمة في وقته بسبب التوترات السياسية الدينية بين المسيحية واليهودية والتي ترجع أصولها إلى الحملات الصليبية في القرن الحادي عشر.
قدم شكسبير هذا العمل خلال الفترة ما بين 1596 م و 1598م أنتجت هذه المسرحية مرات كثيرة، وكان آخر إنتاج لها فيلم تاجر البندقية من بطولة آل باتشينو عام 2014.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى