اضاءات روائية

(الساعة الخامسة والعشرون) تعلن النهاية المحتومة للبشرية

عدسة الفن – عباس المـاجد

 

إن الإنسان يستطيع السيطرة على كل الحيوانات المفترسة غير أن حيواناً جديداً ظهر على سطح الأرض في الآونة الأخيرة، وهذا الحيوان الجديد اسمه : المواطنون، إنهم لا يعيشون في الغابات، ولا في الأدغال، بل في المكاتب. ومع ذلك فإنهم أشد قسوة وضراوة من الحيوانات المتوحشة في الأدغال، لقد ولدوا من اتحاد الرجل مع الآلات.

نشرت رواية (الساعة الخامسة والعشرون) عام (1949) ومنعت من التداول لاعوام طويلة لكنها حازت على جائزة نوبل للإداب ، كاتبها الراهب الروماني (قسطنطين فيرجيل جيورجيو) المولود في عام (1907) والذي غادر بلاده عام (1944) صوب فرنسا وتوفي عام (1982) ودفن في باريس بعيداً عن موطنه الأم لأسباب غير معروفة لليوم. الرواية عبارة عن جولة واقعية تعريفية للمفردات التالية الألم والبؤس والشقاء والمعاناة فتصور لنا الرواية مدى بشاعة هذا العالم خلال فترة الحرب العالمية ومدى قسوة الانسان على أخيه الإنسان حينما يصبح الجميع مجردين من كل معاني الإنسانية تمحورت القصة حول (يوهان موريتز) الأسم الذي سيعلق ببالك كثيرا وسيتشبث بأعماق روحك عند قرائتك للرواية، فبطل هذه القصة لم يقرر بنفسه دور البطولة بل الأيام جعلت منه مناضلاً ورمزاً للأمل الذي يُفقد في هكذا ساعات (فالأمل عشبة تنبت حتى بين القبور) كما يقول كاتبنا في روايته، كان حلم بطلنا وردياً وهو السفر لأمريكا مع خطيبته و نصفه الثاني لكن الأقدار حكمت عليه أن يقضي ثلاثة عشر عاماً بمواجهة أحلك الفترات ظلماً بتأريخ البشرية، تتلاقفه السجون والمعسكرات وبطش السجانين من بلد لاخر، لا ذنب له سوى أنه أحب حياته كانت جميلة للدرجة التي أعجب بها المفوض في القرية فيستخدم وظيفته بشر مطلق لإبعاد الحبيبين وعلى إثرها يتم إرساله إلى معسكر مع اليهود وهو مسيحي الديانة، فيفر هارباً صوب هنغاريا فيقبض عليه بصفته روماني فيسجن، وعندما تطلب النازية جنوداً من هنغاريا يرسل ليصبح جندياً نازياً، بالرغم من ان الأوراق الرسمية التي تثبت أنه روماني الأصل، ولكن كالعادة لا يستمع احد اليه فقد أستحالت أرواحهم إلى شر مطلق. تأخذنا الرواية برحلة مجانية لأكبر تراجيديا عالمية والتي هزت كيان ما تبقى من جنس الأنسان المعرض للأنقراض ختامها ليس مسك، بل وصلت القوات الأمريكية أعتقد أنهم المنقذين لتستمر المعاناة استكمالا لفصول الالم، أما عن النهاية المحتومة للمقال لا يسعنا إلا أن نذكر وطننا الجريح الذي ما زالت ساعته الخامسة والعشرون قائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى