وسيم الشرق ونجم الغرب… عمر الشريف…نهر الحب الخالد
تحرير عبد الرضا
كان يحب أن يعيش حياته على اكمل وجه ويفعل ما فى قلبه، لم يرضه ان يزاول عمل عائلته، ففتحت السينما العربية والعالمية اوسع الابواب له، جاءها شابا طموحا جمع جاذبية الشرق واناقة الغرب، فكان الامير الذي خطف قلوب البنات والشاب الذي اصبح اسمه علامة للرومانسية، العالمي عمر الشريف ذو الشخصية الساحرة والحضور الطاغي نجم سيرة فنان لهذا الاسبوع.
ولادته ونشأته
اسمه الحقيقي (ميشيل ديميترى شلهوب) ولد في 10 نيسان عام 1932 بمدينة الاسكندرية في مصر، من عائلة ثرية عملت في قطاع تجارة الخشب، والده (جوزيف) تضاربت الاراء حول أصوله بين من يقول أنها تعود إلى مدينة زحلة في لبنان ومن يقول أنها تعود إلى آل شلهوب السورية من دمشق، ووالدته (كلير سعادة) سيدة مجتمع من أسرة ذات أصول لبنانية-سورية أرستقراطية، دخل (كلية فيكتوريا) الإنجليزية بالإسكندرية حيث مارس الرياضة بانتظام ومنها بدأ شغفه بالتمثيل، بعدها ذهب إلى جامعة القاهرة حيث درس الرياضيات والفيزياء، بعد تخرجه من الكلية عمل لمدة 5 اعوام بتجارة الأخشاب مع والده لكن هذا العمل لم يستهويه وحاول اقناع والده كثيرا بالسماح له بتركه، والده الذي كان يطلق على الفنان اسم (مهرج متجول)، حتى انه قام بالبيع بخسارة ليجبر والده على الموافقة على قراره، لينجح اخيرا ويتجه الى التمثيل في (الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية) بلندن.
حياته الشخصية
تزوج من الفنانة ( فاتن حمامة) عام 1955 ، بعد قصة حب كبيرة تعتبر من اجمل قصص الحب في تاريخ السينما العربية فتحول من ديانته المسيحية إلى الإسلام من أجل الزواج بها، لكن مع الظروف المحيطة بينهما وبعملهما تطلقا عام 1974، وكان نتيجة الزواج ابنهما (طارق)، وله حفيدان (عمر) و(كريم)، وبعد انفصاله لم يتزوج (عمر الشريف) أبدا، لكن عرف عنه علاقته الكثيرة، وفي الولايات المتحدة الامريكية انتشرت إشاعات عن وجود علاقة حب بينه وبين النجمة العالمية الشهيرة (إنغريد برغمان) ولكن لم يتم تأكيد أو نفي هذه الإشاعات، كما سرت اشاعات عن علاقته بالفنانة (باربرا سترايساند) التي شاركته بطولة احد الافلام، لكن يقال ان العلاقة لم تستمر سوى 4 اشهر فقط، علما انها لم تكن محبوبة من قبل المجتمع العربي الذي اعتبر عمر الشريف ابنه رغم وصوله للعالمية.
مسيرته الفنية
عشق المسرح المدرسي وقدم فيه العديد من التجارب وعمره لم يتجاوز 12 عام، في مرحلة الدراسة كان زميلا للمخرج العالمي ( يوسف شاهين)، لذا بدايته في السينما كانت عندما عرض عليه صديقه دور البطولة أمام ( فاتن حمامة) في فيلم (صراع في الوادي) عام 1954 كما اختار له اسمه الفني الذي صار معروفا فيه لبقية حياته، لقي الفيلم والبطلان الكثير من الجماهيرية جعلت منهما ثنائي ناجح لا يفترق.
نجح الفيلم نجاحا كبيرا في شباك التذاكر وبسرعة تصاعدت نجوميته حيث شارك في الفترة من 1954 حتى عام 1962 في أكثر من 20 فيلما سينمائيا، ونشأت علاقة حب قوية بينه وبين (فاتن حمامة) كللت بالزواج، وقاما معا بالتمثيل في 5 أفلام كان آخرها هو (نهر الحب)، كما مثل في عدة افلام مثل (لوعة حب) عام 1960، و(حبي الوحيد) في نفس العام، وفيلميْ (اشاعة حب) و(في بيتنا رجل) عام 1961.
وفي أوائل الستينيات وتحديداً العام 1962 التقى المخرج العالمي (دافيد لين) الذي اكتشفه وقدمه في العديد من الأفلام، فكان هذا اللقاء ميعاده مع الشهرة العالمية للمرة الأولى حين وقع الاختيار عليه للقيام بدور في الفيلم الجديد (لورانس العرب)، يعدّ الفيلم أحد اهم الأعمال السينمائية العالمية ويُعد من أفضل ما أنتجته السينما البريطانية على الإطلاق، وفورا حاز أداء (عمر الشريف) على ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور مساعد وفاز عن الدور نفسه بجائزة (الكرة الذهبية) ولا ننسى الشهرة العالمية التي كسبها. توالت بعدها الأعمال السينمائية العالمية وبعدها بـ 3 اعوام كان ميعاده مع أحد أشهر أدواره في فيلم (الدكتور زيفاجو) من إخراج (ديفيد لين) ايضا، حيث فاز عن دوره بجائزة (الكرة الذهبية) للمرة الثانية لأفضل ممثل في دور رئيس. لظروف سياسية قرر أن يستقر في أوربا عام 1965 بشكل نهائي، ومع انشغال (عمر) بالعالمية بدأ في إهمال زوجتة وبيته ما أدى إلى انفصاله عن فاتن نهائياً.
مثل ايضا في افلام (جنكيز خان) عام 1965، وفيلم (ليلة الجنرالات) عام 1967، وفيلم (فتاة مرحة) عام 1968، وفيلم
(He Fall of the Roman Empire)
وفيلم (تشي جيفارا) عام 1969، وبهذا يكون الممثل المصري والعربي الوحيد الذي قام بتجسيد شخصية المناضل الكوبي الأرجنتيني المولد (تشي جيفارا).
بعد نجاحه في فيلمه الأول (لورانس العرب) في عام 1962 ربح شهرة جماهيرية كبيرة وأصبح العالم الغربي كله ينتظر افلامه، واستمر بالعمل مع نفس المخرج ( دفيد لين) ليلعب عدة أدوار في أفلام منها فيلم
(The Yellow Rolls Royce)
وفيلم (Green Ice)
في السبعينيات قام بتمثيل فيلم (The Last Valley) عام 1971، وفيلمي
(The Tamarind Seed)
و(Jaggernaut) عام 1974، إلا أنها لم تلق النجاح المنتظر نظرا لابتعاد الغرب عن الأفلام الرومانسية ذلك الوقت، بعد ذلك قل ظهوره مما اضطره إلى تمثيل أدوار مساعدة مثل دوره في فيلم
(The Pink Panther Strikes Again)
عام 1976.
في عام 1984 قام عمر الشريف بتمثيل أدوار كوميدية منها دوره في فيلم (Top Secret)، وبعدها ابتعد عن الساحة الفنية واكتفى بظهوره في البرامج والمسلسلات والسهرات وكضيف شرف كما في فيلم (The 13 Warrior) عام 1999.
بعد عودته الى مصر قدم عدة اعمال مهمة في عقد الالفية مثل (السيد ابراهيم) في عام 2003، وفيلم (موسى والوصايا العشرة) في عام 2007، والفيلم الشهير بمشاركة النجم عادل امام (حسن ومرقص) عام 2008، و(المسافر) في العام ذاته.
في التلفزيون قدم عشرات المسلسلات الاجنبية وقدم مسلسل عربي واحد بعنوان (حنان وحنين) عام 2007، اخر أعماله، التي بلغت (111) عملاً، هو فيلم (روك القصبة) وهو الفيلم الذى شارك فيه عدد كبير من نجوم السينما العربية، منهم الفلسطينية (هيام عباس) واللبنانيتان(نادين لبكي) و(لبنى الزبال) والمغربية(راوية سالم)، كما عمل في عدة مسلسلات إذاعية مصرية منها (أنف وثلاث عيون) و(الحب الضائع).
الجوائز والترشيحات
فاز بجائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل في فيلم دراما عام 1966 عن دوره في فيلم (دكتور جيفاغو)، وفاز بجائزة الجولدن غلوب عن فئة أفضل ممثل مساعد لدوره في فيلم (لورانس العرب)، كما رشح لجائزة الاوسكار عن دوره في نفس الفيلم، فضلاً عن جائزة غولدن غلوب للنجم الصاعد التي تشاركها مع كل من (تيرينس ستامب)، (كير دولا) و(بيتر أوتول) في عام 1962، وفي العام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديراً لعطائه السينمائي خلال الاعوام الماضية، وحاز أيضا في نفس العام على جائزة (سيزر) لأفضل ممثل عن دوره في فيلم (السيد إبراهيم وازهار القرآن) لـ(فرانسوا ديبرون)، كما حصل على جائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله.
مرضه ووفاته
أعلن نجل الفنان عمر الشريف إصابة والده بمرض (الزهايمر) في 23 ايار لعام 2015، حيث كان يعاني تذكر أشهر أفلامه، كما أنه لم يعد يميّز بين معارفه، ليمتنع بعدها عن تناول الطعام والشراب، وفي يوم 10 من شهر تموز عام 2015 وافاه الاجل عن عمر ناهز 83 عاما في إحدى المستشفيات بعد صراع مع الزهايمر، بعد وفاته صدر كتاب بإسم (بطل أيامنا الحلوة عمر الشريف) للكاتبة المصرية ناهد صلاح وهو عبارة عن ثلاثة لقاءات بين عمر الشريف والكاتبة بصيغة حوار طويل.
ربما هناك ممثلون افضل اداءً من عمر الشريف، لكن ما يميزه طريقة الوصول الى العالمية الذي استطاع النجاح بها وجعلها تبدو مهمة غير مستحيلة اذا اقترنت بالاجتهاد والصبر والمثابرة فكان نجاحه بوابة امل لكثير من الفنانين غيره للوصول الى العالمية.