مسرح اللامعنى يجابه فناء البشرية المطلق
عدسة الفن – عباس الماجد
المسرح العبثي، تعددت ألقابه بين اللامعقول وكوميديا المخاطر ومسرح اللاتوصيل والسخرية والأحتجاجي والتراجيكوميدي وأخيراً وليس أخراً الثوري، ولكن الهدف واحد، رغم غرابة الاسماء إلا أن مهمته واضحة وغايته إنسانية من خلال مواجهة الحروب العالمية وما يفعله البشر من ويلات عبر منصته الحرة أدبياً، ولا يخفى ان هذا النوع المسرحي قد تمكن من ان تقديم رسالته الهادفة بالرغم ان الادباء والناقدين يعارضون تلك الحقيقة ويعتبرون تلك الأعمال مجرد (عبثية)، والمسرح العبثي
(Theater of Absurd)
أصطلاحاً لقب أطلقه ألاديب (مارتن إسلين) من خلال مسرحياته التي كتبت ما بين فترة الخمسينيات والستينيات. وترجمة كلمة (Absurd) ذات الاصل اللاتيني تعني ما هو نشاز وخارج عن المنطق العام، وفي علم المنطق تعني التناقض الذي يؤدي إلى نتائج خاطئة، وظهرت أدبياً في مقالة الفيلسوف (ألبير كامو) بعنوان أسطورة (سيزيف) التي كتبها عام (1942)، حيث قدم الموقف الإنساني بشكل أساسي على أنه موقف عبثي لا معنى له، ويصف حالة الإنسان والتعبير عن فراغه الوجودي بـ(أريد ان أفهم كل شيء أو ان لا أفهم أي شيء، فالعقل يعجز أمام صراخ القلب)، إلى قوله (والعبث يتولد عند هذا الصدام بين نداء الإنسان وصمت العالم اللامعقول). والحق يقال ان هذا النوع من الأدب المسرحي لا يخالف قول جل وعلا في محكم كتابه : “أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا” بسبب ما يطرحه من افكار قد تشتت القارئ لكن البعض ذهب عميقاً في تفسير كلمة (Absurd) فبحث في معجم
(Petit Robert)
ليشتق منها أقرب معنى فوجد ما يلي: (ضد العقل، المخالف للصواب، الأخرق، الغريب، والأبله)، أما أعظم عمل ادبي قام به الأديب (صموئيل بيكيت) حيث ألف مسرحية (في انتظار غودو) وأستوحاها من لوحة (كاسبار ديفيد فريدريخ) لرجلين ينظران إلى القمر، عرضت أواخر الخمسينيات فوصفت بالرائعة كما وصفت بالتافهة، بعدها ترجمت لاكثر من خمسين لغة وأختيرت من ضمن أبرز المسرحيات الإنجليزية في القرن العشرين. نشط هذا النوع خلال فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية وله طريقته الخاصة في مناهضة ما يتحول إليه بني البشر خلال الحرب واحلك الظروف.