غرق الدراما العراقية في بحر الكوميديا
محمد باقر ناصر
تنتج الدراما صورا معرفية تحاكي الواقع الحالي، على أن تؤدلج وفق توجه ما بنية الفكر الانساني، وتصنع مخيلة للمجتمع، لهذا فأهمية الدراما وفنانوها كبيرة في بناء مؤسسات دولة قوية توجه الناس نحو ثقافة معينة.
لا يبدو أن الدراما العراقية جف منبعها، بل هي تفيض بالطاقات والكوادر من مخرجين وممثلين، فضلا عن وفرة الأموال التي تتحجج الفضائيات العراقية بانعدامها، حيث يفترض بها أن تحمل على كتفها عبئ الانتاج الفني، فهي بدلا من ذلك تنفق أموالها على إنتاج برامج ومسلسلات مخجلة غرضها كوميدي لا يحمل رسالة معينة، فضلا عن شراء مسلسلات عربية بأموال باهضة.
إن المقارنة هي إحدى أهم العوامل في إفشال الاقبال على متابعة الدراما العراقية، والتي تسهم كثيرا في عدم انتاجها، هذه المقارنة التي تجري عادة بين الدراما المحلية والعربية السورية والمصرية واللبنانية تؤدي عمليا الى غياب الدراما الموجهة نحو تسليط الضوء على مشاكل اجتماعية بغية حلها، بل يتوجه الانتاج نحو المطلوب اجتماعيا، وهذا ما رسم على معظم القنوات الفضائية العراقية في رمضان شكل البرامج والأعمال الفنية.
ليس من الغريب أن يسعى المتلقي العراقي إلى مشاهدة دراما تحمل بصمات الحداثة، تزخرفها المناظر الخلابة، جمال المنازل والأثاث والحدائق، فضلا عن جمال الممثلين والممثلات، والذي يتبعه أداء أدوار جريئة تسهم في جذب المتلقي العراقي وغير العراقي، ثم جذب (شركات الانتاج)، إذ تعد شركات الانتاج إحدى أهم ملامح الدراما الناجحة في كل بلد، ولا أعتقد أن العراق خال من بصمات الحداثة أو الوجوه الشابة القادرة على أداء الأدوار الجريئة، بل إن ثقافتنا الفنية فقيرة من ناحية التسويق والانتشار، هذا ما يجعلها تختفي تحت عباءة الكوميديا والبرامج الترفيهية.