(دم العـراق يـراق)..حُــب بيـن أزقـة الحــروب
رواية (دم العراق يراق)، تدور احداثها منذ بداية عام ٢٠٠٣ وحتى نهاية عام ٢٠١٩ تتحدث عن عائلتين اعتادت ان تكون أحدهما الظل الوارف للأخرى لم تكن تفرقهما الاسماء او الانتماءات او المذاهب، لكن أياماً معدودة كانت كافية لقلب كل شيء، كانت كافية لتحويل الجنة الى جَحِيمٍ أبدى، كافية بأن يعيش طفلاً رجولة مبكرة وهو في التاسعة من عمره فقط!، رواية (دم العراق يراق) عبارة عن حلقات مترابطة من الالم والأسى الذي يقود الى أسى اخر في امل للعودة الى الحياة في يوم من الايام.
قد عاش عراقنا شعباً وأرضاً مأساة تُدمى لها القلوب، والواقع أن معاناته ليس بالأمر الجديد عليه فتأريخه مملوء بالدماء بيد أن الحضارات والأمجاد لأتبنى الا وأن تحمل بين طياتها دماء أبناءها لتخط مخطوطة تأريخية جديدة بدمائهم، لخصت أحداث هذهِ الرواية معاناة بلد الحضارات في حُقبة لا تتجاوز العقد ونصف العقد من عُمره، بأسلوب سلس يخلو من التعقيد نقلت لنا أحداث مرت على عائلتين حيث تدور حبكة الرواية عن جارين عراقيين تربط بينهما المودة والأخوة وبين اطفالهما حتى قُلبت الموازين، وجاهد كل من العائلتين أن يزرعوا في عقل أولادهما بأن الطرف الاخر هو على خطأ دائم، ولا يجوز الانخراط معهم وهذهِ الافكار لاقت رواجاً في عقول الشعب بفترة من فتراته، حتى تفرقا الجارين ليلاقي كُل منهم مصيره في الحياة، وبعد سنوات عديدة من الفراق والغربة شاء القدر بأن يقع الشاب أبن الجار ذاته صدفةً بغرام أبنة الجار نفسها، والتي لا يمتنع قلبها هي الاخرى عن حبهِ ليبدا معاً متجاوزين كُل عقيدة توارثوها عن أباءهما، وينقادان وراء مبدأ الحب بتخطيطهم لحياتهم القادمة وما تلبث أحلامهم الوردية لأشهر، وتتفاجئ بالاصطدام بزجاج الواقع الذي لا يبارك بزواجهم لاختلاف العقيدة والمقام الاجتماعي بين العائلتين والذي يؤدي لنهاية مأساوية للمحبَيّن، تلعب الرواية على عدة محاور مهمة وشاملة ثم تبدأ بمناقشتها بتناغم ممُنهج لا تُغفل عنها التفاصيل التي تشغل المجتمع اليوم، تحمل هذهِ الرواية بين طيات حروفها ذكرى قابعة في ذاكرة كُل عراقي وأن اختلفت الاسماء فهي تعايش أحداث وحروب عاشها هذا الشعب من واقعه ووقائع تضاف الى تأريخه، بَعد فراق البطلين عاد القدر ليجمعهم ثانية ربما هذهِ المرة ينصفهم ولكن ينتهي الحلم بكابوس الفقد بطلب من الوطن، لتتجلى قصة حُب وُلدت وقُتلت بذات الأرض مرتين وهي قصة لا تختلف بحزنها عن بقية قصص الشباب الذين قتلوا وهم يطالبون بحقوقهم ببلد غني فكُل قصة بدايتها وحبكتها مختلفة الا ان النهاية واحدة، (دم العراق يراق) للكاتبة العراقية الشابة (طيبة حميد) والتي استغرقت أربعة أشهر فقط لإتمامها والتي صدرت بتاريخ ٢٠١٩/٩/٤، حصدت على أهتمام أصحاب المجال والنقاد ولاقت حضوراً بين الروايات العراقية بشكل مبهر كونها نقلت واقعاً معقد بكل سلاسة.