المسرح التجريبي…فن حركة الجسد والتمثيل الصامت
علي الأكبر عباس
يعتمد المسرح التجريبي أفكاراً جريئة تختلف عن الأنماط التقليدية، فيقوم على فكرة التجريب فى المسرح ولا يقتصر على تناول أفكار معينة فقد يعكس قضايا سياسية أو فكرية وحتى دينية وانسانية معاصرة، فهو من أبرز الرؤى المسرحية المعبرة بصدق وشفافية عن الجمهور، فيغير من أدواته ومضامينه بحسب توجهات جماهيره، فنجده يأتي ليعلن عن نفسه وفق قوانين تفرضها شروطه الفنية.
جاء المسرح التجريبي ليؤكد قدرة المسرح على هضم التجارب السابقة وإعادة صياغتها وفق نهج جديد يتماشى مع التطورات التي تحدث وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها (ستانسلافسكي) وهي (التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق مختلفة تماما.
وبما أن أهم سمة لعالمنا هي التحولات المعرفية التي ساهمت بولادة القرية المعرفية الكونية، فكان المسرح التجريبي مواكبا لهذه التغيرات، ليمتاز بتجاوزه السائد والمتوارث والإتيان بالجديد واختراق الثوابت عبر ثيمات تتمثل في تحميل العمل التجريبي وإمكانية تجاوز الخطوط الحمراء من خلال (جسد، فضاء، سينوغرافيا، أدوات)، ومنها تفكيك النص وإلغاء سلطته، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب، والتخلص من الفكرة ليقدم حالة فنية وليس أفكارا أو ترجمة حرفية للنص، كما توظف الإضاءة والحركة والرقص على حساب النص، والمخرج هو المحور في العمل، والممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي وتتوزع مساحة السرد على الشخصيات وفق حوار مركب. والسينوغرافيا هي البطلة، ويأتي دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج.