الفلكلور العراقي بين مطرقة الاندثار وسندان الحداثة
محمد باقر ناصر
الفلكلور هو ذلك التراث الشعبي المنقول شفاهياً، تكالبت الأجيال على حمل مضمونه وفق ضياع المبتكر وزمنه الخاص، إذ تم احلال الشعبية عليه كونه أصبح جزءاً من ثقافة ذلك المجتمع.
يتنوع الفلكلور العراقي بين الغناء والموسيقى والحكايات القصيرة والطويلة، فضلا عن الأزياء والرقصات والنسق العمراني الخاص وغيرها من النتاجات الشعبية. يمتزج الفلكلور في كثير من الأحيان بنمط وأسلوب الحياة، ونتاجات الإنسان ومظهره الخارجي، إلا أن الموجة الرأسمالية المعولمة ساهمت في تغيير الكثير من أنماطنا وعناصرنا الثقافية، وقضت على بعضها الآخر، وأنتجت ظاهرة (الاغتراب الحضاري)، التي تشير بمضمونها إلى انعدام التفاعل والتواصل الحاصل جراء الأنموذج المثالي في موسوعة الانسان المتخيلة، والتي أنتجت بدورها شخصية في طور الانفصال عن الماضي، والإشكال على النتاج الفني والشعبي القديم، بصيغة التسفيه والانتقاد، وتشكيل هيأة يسودها التغريب، وهذا ما نلحظه في نتاجاتنا الفنية والشعبية والثقافية. لست هنا بصدد الإشارة لمؤامرة بقدر ما هي محاولة لتبيان مفهومي التقادم والتصادم، إذ يشير هذين المفهومين إلى رغبة الزمن في تحويل المسارات النمطية عبر المسافة الطويلة التي تعجز عن الصمود أمام التغير والتغيير، الذي يتم بمساعدة المدخلات الثقافية التي تأتي من الخارج، فإذا ماكانت تلك المدخلات تشق طريقها عبر صدمات متتالية وبسرعة هائلة، فإن الزمن سيكون طوع هذه الصدمات، محدثاً تغيراً في البنى، مايسهم في قولبة الثقافة على هيئة جديدة ؛ ولا أتناول بالزمن بصيغته الوصفية التي تصف فترات زمانية متعاقبة او منقطعة، بل بوصفه الوقت الذي سيستمر دون توقف، وهو موجود في كل زمان ومكان.
إذاً فالتلاقح الثقافي والزمن كفيلان بإنتاج أنماط ثقافية جديدة، تكون مسؤولة عن ذائقة الإنسان ونتاجاته الفنية.