مسرح

الطقوس الدينية في المنصات المسرحية

سوسن مهدي

تطور المسرح الطقسي انطلاقا من مسرح الكنيسة ليأخد منحنى أخر، رغم احتفاظه بملامح الطقس وهذا ما فعله (انطوان ارتو) بمسرحه وقد استلهم هذا النوع من طقوس جزيرة بالي، تتلخص فلسفته ان المدينة كانت السبب الرئيس في تدمير الطاقة الروحية للإنسان، فابتعد عن العاطفة الخالصة النقية، ويرى ان إنسانية الإنسان لن تتحقق إلا بإطلاق العنان لرغباته الفطرية وعواطفه البدائية الخشنة مثل الخوف، الحب، الحنين والشهوات وعلى الإنسان الذي يريد استعاده ذاته ان يتخلص من حصار المدينة الخانق، فوجد في المسرح الاحتفالي الطقسي القديم ملجأ له، لانه يرى أنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يسترد من خلالها فطرته، وقهر مخاوفه والتعرف على عالمه، حيث ترجم من خلال هذه الطقوس مفاهيم كالموت، الحياة، الحب، الكراهية، الخوف والجنس، وحولها لطاقات روحية وحركية مفعمة بالحس الصوفي والطاقة الشاعرية، اذ كانت تحمل معها تأثيرات هائلة على المشاهد ولا يمكن للكلمة المنطوقة أن تأتي بنفس التأثير، لهذا رأى أن تقليص الكلمة واطلاق العنان للحركة والتعبير هو الأصل في التجربة المسرحية وبهذا تختلف عن التجربة الأدبية المكتوبة. من هنا يمكن تعريف المسرح الطقسي كنوع مسرحي لا يعتمد اعتمادا أساسيا في بنائه على الشخصية أو الحبكة ، بل على تصدير المناخ الخاص بالطقس الذي تسبح به جميع العناصر المسرحية، فالطقس بهذا النوع يأتي في المرتبة الأولى كما أنه دائما ما يكون المحصلة النهائية التي يحصل عليها المشاهد في نهاية العرض المقدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى