الطفولة بين واقع الكبار واحلام الخيال
عدسة الفن – تحرير عبد الرضا
يولدُ الأطفال على فطرتهم البريئة غير ملوثين بالخطيئة، ومع النضج ووقوعهم بفَخ المجتمع والاحتياجات البشرية سُرعان ما يتحولون إلى أشخاص ماديين، يفتقدون الخيال والقدرة على الإبداع ليغلب عليهم الملل وتمتلىء نفوسهم بخطايا كالجشع والغرور، فنشهد اطفالنا يكبرون قبل اوانهم لينضموا الى عالم الكبار القاسي متناسين مرح الطفولة فاقدين لشغف الحياة ويائسين من الغد الافضل.
لن نجد مثال يعبر بشكل واف عن فكرة التباين بين عالمي الصغار والكبار افضل من فيلم (The Little Prince) المأخوذ عن رواية (Le Petit Prince) للكاتب الفرنسي (أنطوان دو سانت)، الرواية التي ترجمت لاكثر من 230 لغة.
القصة الاصلية لاقت استحساناً كبيراً مما جعلها تحول لاكثر من فيلم ومسلسل انيمي احدثها كان نسخة الفيلم المنتج عام 2015 والذي حاول تقديم القصة المكتوبة عام 1943 بروح عصرية فتدور أحداث الفيلم حول فتاة صغيرة تحاول الالتحاق بمدرسة راقية فتضع والدتها نظاما اليا يخطط لكل دقيقة من حياة الابنة لغرض النجاح من خلال جمع المعلومات، فتفشل الخطة بعد دخول الجار العجوز حياتهم والذي عمل كطيار في شبابه، لتنقلب اوضاع الفتاة رأساً على عقب حين يمنحها جارها صفحات قصة خيالية تتحدث عن طفل ترك كوكبه بسبب خلاف بينه وبين محبوبته الوردة المحبوسة فى زجاجة من أجل استكشاف العالم فيرحل بعيداً ليقابل برحلته شخصيات مثيرة عكست كل انواع السلوك البشري، وبعد لقاء الطيار بالأمير يجد كلٌ منهما في الاخر ملاذاً، ومع الوقت تتعلق الفتاة بالقصة للدرجة التي تجعلها تُقرر البحث عن الأمير الصغير بنفسها، لتتوالى الأحداث فى صورة رمزية رائعة. قدمت الرواية معاني سامية مثل اهمية التفاؤل والاحلام وقيمة الامل، فوحدها رحلة العمر كفيلة بأن تجعلنا نُعيد قراءة أبجديات الحياة وشغفها، واهمية أن نجعل حياتنا تسير بالطريقة التي نُريدها أن تسير بها، وعلينا أن نسأل أنفسنا من وقتٍ لآخر ما الذي نفعله على هذه الأرض؟ لنبتعد عن الوقوع بدوامة العمل المستمر وندرك ان الجمال الحقيقي هو ما نراه بقلوبنا.