السينما الموجهة صناعة للانسان وصنعته الحديثة
محمد باقر ناصر
تحتل السينما مرتبة رفيعة بين الفنون الأخرى في أغلب المجتمعات المتقدمة، كونها بالإضافة الى مردودها الاقتصادي الكبير تقترب من إنتاج السلوك الانساني، إثر توجيه النص والمشهد .تؤكد الأنثروبولوجيا أن المجتمع تتخلله ثقافة ونظم اجتماعية مختلفة، وإن كلا من الثقافة والنظم بإمكانها التغير، نتيجة لعدة عوامل موجهة وغير موجهة. تعد السينما وبعض الفنون بمثابة مغير موجه (إذا ما أريد لها أن تكون) يقرع تأثيره في المتلقي عن طريق إفراغ الطاقة الإيجابية للسلوك الغير سوي، والمعتقدات التي تناسى المجتمع مساوئها بعدما شرب كأسها منذ الصغر.
يفتقر العراق لمنظومة عمل سينمائي وفني موجه، تنتج تأثيراً سايكولوجياً في الفرد، هذا التأثير الذي لطالما قوّم مجتمعات بأكملها، كما في الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا وبعض البلدان الأوربية التي تنشط في مجال الفن السابع. و بالرغم من امتلاك العراق جمهوراً متعطشا لمشاهدة السينما المتقدمة، وقاعدة جيدة من الممثلين والنجوم القادرين على الولوج في ساحة السينما، نسبة الى جمهورهم الغفير، فضلا عن الطاقات الشابة المتمثلة بالمخرجين والروائيين، بالرغم من ذلك إلا أن العراق يفتقر لعمل سينمائي مدعوم بميزانية خاصة، وموجه لحل مشكلة واحدة من جملة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ مع عدم إغفال الاعمال السينمائية القصيرة والطويلة، والتي أنتجت بجهود وتمويل ذاتيين، أو بتمويل عدد من المنظمات الدولية بعد العام 2003، وأبرز هذه الأعمال الفلمين العراقيين الطويلين (أحلام) و (إبن بابل) الحاصلين على جوائز عربية وعالمية للمخرج الشاب (محمد الدراجي)، لكن تأثيرهما كان ضئيلاً بالوقت الذي كانت فيه دور السينما تغيب عن المشهد العراقي، بل والبغدادي حتى، وذلك في الحقبة التي سبقت عام 2010.
مجمل القول أن السينما يجب أن تأخذ دورها في بناء الإنسان، الذي بدوره سينشىء ناطحات السحاب والجسور، وينشىء معها رغبة في التعايش مع الآخر، هذا الإنسان الذي بالامكان وصفه على أنه عجينة اصطناعية، يتم قولبتها وفق ظروف اجتماعية يتم صناعتها، لإنشاء قاعدة سلوكية وثقافية خاصة.