الرئيسةنوافذ سينمائية

(The Prestige) هووس السحر والخدع البصرية

احمد محمد / الاردن

فيلم (العظمة) عام (2006) من اخراج وكتابة كريستوفر نولان بالاشتراك مع اخيه جوناثان، مقتبس من رواية كريستوفر بريست، يروي لنا الفيلم قصة الساحرين (روبيرت انجير) والذي قام بدوره (هيو جاكمان) و(الفريد بوردن) مؤديا شخصيته (كرستيان بيل)، الذين يعيشان في نهاية القرن التاسع عشر ليدور بينهما تنافس شرس في الخدع البصرية والعاب الخفة خصوصا بعد خدعة الفريد التي جعلت التنافس بينهما يصل لذروته، وتشاركهم (سكارليت جوهانسن) هذا التنافس من خلال ادائها لشخصية (اوليفيا).
التلاعب في الزمان اصبح شيء طبيعي بعالم السينما، هذه الخاصية استخدمها مخرجنا نولان بهذا الفيلم وغيره من الافلام التي اخرجها بغية توضيح السبب ونتيجته وكأنه استحضار ذهني وربط للأحداث داخل العقل لتتوضح لنا الصورة التي يريد نولان ايصالها على شكل سرد متلاعب بزمانه.
نولان واخوه جوناثان يمتلكان سحر خاص كهذا الفيلم الساحر فما ان تبدأ بمشاهدة العمل فانك لن تحتاج لفترة تمهيديه للدخول الى احداث الفيلم، فتجد نفسك مأسوراً منذ البداية بالأحداث التي تتسم بالتشويق والغموض والتي تثير أي مشاهد لاستمرار المتابعة، متسمرا امام العمل، باحثاً عن الطريق التي توصله الى الصورة النهائية التي تعصف في دماغه.
نجد ان هنالك اسقاطات استخدمها نولان بهذا الفيلم فعلاقة (تسلا وأديسون) مشابهة تماما لعلاقة (روبيرت والفريد) هنا نجد ان نولان استفاد من بعض الشواهد التاريخية ليقدمها لنا بقالب فني جميل.
اما عن رأيي حول الشخصيات فأجدها شخصيات تتصف بطبائع غرائبية، لديهم تصرفاتهم المتناقضة ويملكون دوافع خفية، وقد ابدع كل من هيو جاكمان وكرستيان بيل بايصال هذه الصورة من خلال ادائهم المتقن الذي يجعلك متعاطفا معهم تارة ومشمئزا منهم تارة اخرى، فمثلا انجير لم نعرف الدافع الحقيقي من وراء امتلاكه للألة هل اراد التفوق ام الانتقام لزوجته؟! وبدا هذا واضحا من خلال المشاهد التي تجمعه مع صديقه ومدير أعماله (كاتر) الشخصية المتزنة والتي قام بأدائها الرائع (مايكل كين)، نجد هنا ان نولان يستخدم وسيله تعدد الهويات للشخصية الواحدة، فلن ترى هوية لشخصيه ثابته في ممثل واحد بل سترى اكثر من هويه للشخص الواحد.
اجد ان هذا النوع من الاعمال هو بمثابة تفرد بصناعة التحفة الفنية التي ستبقى خالدة على مر الزمان لتكون في المستقبل البعيد احد العلامات الفارقة في عالم الفن السابع، كما هي الاعمال السينمائية العملاقة التي قدمت في بداية انطلاق التصوير السينمائي والتمثيل الفني المصور، فيلم (العظمة) هو عظيم في جوانبه الأساسية من النص الى التمثيل الى تعدد الهويات التمثيلية والتلاعب الزماني في عملية السرد الى ان نصل الى الاخراج .
هذا الفيلم الساحر يجعلك تشعر بالدهشة كما ستشعر بها حينما تكون بحضرة احد السحرة اثناء قيامه بخدعة وهذا ما جعله عمل عظيم، فاستخدام المخرج الاسلوب السحري (العهد)، (التحول) و(الكشف) يجعلنا نقف امام ساحر الثلاث وهو المخرج نولان، الذي صاغ وقسم ووزع ثم كشف لنا أسرار تلك الحكاية بنفس الطريقة التي يبني الساحر بها سحره ليحول لنا الفيلم الى لغز غامض يستفز ويثير عقل المشاهد من البداية حتى النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى