نوافذ سينمائية

(Gladiator)…الجنرال الذي أصبح عبداً، العبد الذي أصبح مُجالِداً، المُجالِد الذي تحدّى إمبراطورية

اسل الصفار / امريكا

اذا احبّ احدكم ان يدرس السينما الحديثة، فعليه ان يتخذ من فيلم (Gladiator ) مثالاً ورمزاً للعمل الذي يطمح به لتحقيق الكمال.
الفيلم متعدد الجنسيات، (كرو) من نيوزيلاند، (فينيكس) أميركي، (نييلسين) دنماركية، (رييد) بريطاني، (هونسو) من بينين، واخيرا (هاريس) ايرلندي، تعدد الجنسيات يعطي خليطاً فنياً شهيّاً بعين الباحثين عن الفن ويعتبر دليلاً للإنتقائية الفنية الإحترافية للمخرج ليعطي صورة كاملة من خلال عمله.
أعتمدَ المخرج على اكبر قدر ممكن من الحقائق التاريخية اثناء عمل الفيلم، فيُلاحظ ان الحلي والمجوهرات التي ترتديها النساء في الفيلم مطابقة تماماً لتصاميم تلك الحقبة ونفس الشيء مع الأسلحة، وحتى العبارات والتقاليد العسكرية، أمور تعني الكثير عندما تود ان تتوجّه نحو تقديم الصورة الشديدة العمق، رباعية الأبعاد، والأقرب للواقع.
بالرغم من وجود المؤثرات البصرية المصطنعة، أعتمد المخرج قدر الأمكان على الأمور الحقيقية والطبيعية، فمشهد إحتراق الغابة في بداية الفيلم مثلاً كان حقيقياً. لنص الفيلم عمود فقري صلد، يعيد تعريف شخصية البطل للمشاهد بعد غياب طويل، فها هو مرة اخرى يقف على رجليه متحدياً المعوقات ويحفر الجبل بإظافره ليحقق غايته.
النص مليء بعبارات رائعة تدق اجراساً لطيفة بآذان سامعيها: “عند إشارتي، إطلق عنان الجحيم” و”ما نفعله في الحياة، يتردد صداه في الأبد”، هكذا أفلام تُعد بعدد أصابع اليد منذ نشوء السينما ليومنا هذا.
اما عن رؤية المخرج هناك لقطات في الفيلم، مهما وصِفت بالسيناريو، لم تكن ستظهر بالجمالية والسحر اللذين قدمها بها (ريدلي سكوت) وهنا يدخل عامل الفن المتأصّل عند المخرج، ثم خبرته (لاحظ لقطة ملامسة بطل القصة لسنابل الحنطة في الحقل) كمثال.
كان كادر ممثليّ الفيلم يشع فنّاً (كرو) بصوته الجهور ولغة جسده (المنتصر المهزوم)، (فينيكس) بجنونه وسُكره بالقوة والسلطة، (رييد) بنظرته الثاقبة والأداء الصوتي الذي يفيض خبرة، (نييلسين) بالكبرياء المَلكي والدهاء المتعلّق بقشة للبقاء، (هونسو) بالصداقة الحقيقية التي يندر تطبيقها في عالم السينما ندرة اللآلئ السوداء.
فيما يخص الموسيقى التصويرية، اختيار موفق آخر، اذ لم يعتمد (هانز ِزيمر) على مقطوعة رئيسية واحدة (مثل 99% من الأفلام) بل على ثلاثة: واحدة درامية، واحدة للتعظيم والتفخيم والقوة والاخيرة للوداع، لتتسابق الواحدة مع الأخرى في حقول الخلود، فمثلما كان سكوت دقيقاً بالإخراج، كان زيمر بالموسيقى، وهذا ظهر واضحاً من خلال تعاونه مع المغنية (ليسا جيرارد) بأغنية/مقطوعة (الآن نحن أحرار)، و العازف الأرمني (جيفان گاسپاريان) بمعزوفة (دودُك من الشمال.(
نجح الفيلم تجارياً وجنى مبلغ 457 مليون دولار على شباك التذاكر العالمي مقابل كلفة إنتاج 103 مليون دولار، وفاز بخمسة جوائز أوسكار والعديد من الجوائز الأخرى، من إنتاج عام 2000، نص وحوار (دييد فرانزوني)،(جون لوگان) و(ويليام نيكولسِن). انه فيلم سيتردد صداه الى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى