نوافذ سينمائية

( Contagion ) … لا شيء ينتشر بسرعة كالخوف

مهند النابلسي / الاردن *

يتحدث هذا الفيلم المنتج عام 2011، عن تكهنات مخيفة افتراضية لكيفية انبثاق فيروس جديد قاتل، يمكن ان يخترق الجنس البشري بواسطة الهواء، وينتشر بلا هوادة خلال فترات قصيرة جدا.
شاشة سوداء مع صوت سعال قاسي اجش، نترقب الأمر، ثم نرى نادلا يتناول عملة معدنية من زبون ويضعها في الآلة الرقمية، هكذا يستهل فيلم (العدوى) بطريقة اخراج سردية واقعية (تتماثل لحد ما مع الاسلوب الشبه وثائقي)، حيث يتحدث هذا الشريط عن انتشار وباء عالمي بطريقة مثيرة ومرعبة وشيقة، بالرغم من كون مثل هذا السيناريو مألوف لدينا، لما عانت الانسانية (وما زالت) خلال العقد الماضي من القلق المصاحب لانتشار حالات أمراض (انفلونزا الخنازير) ثم الايبولا بافريقيا، وأصبح الخوف من انتشار هذه الأمراض المعدية (المرعبة) وانتقالها بين القارات كابوسا انسانيا.
المخرج سودربيرغ (صاحب تحف سينمائية مثل ترافيك وسولاريس وغيرها) يوضح لنا بأن جميع الفيروسات تنشأ اولا في مكان ما، وفي عصر الاتصالات والقرية العالمية والسفر الجوي السريع فانها يمكن أن تصل ببساطة الى قارة جديدة في يوم واحد لا أكثر، وهو ينهج بنمط اخراجه نفس البروتوكولات السينمائية الشيقة ذاتها: اليوم الأول، الثاني، الثالث وهكذا.
ثم ينتقل للعواصم والمدن العالمية الكبرى: هونغ كونغ، شيكاجو، مينابولس، جنيف، حيث نتابع اللاعبين الرئيسيين مثل الدكتور اليس شيفر (لورنس فيشبورن) من مركز السيطرة على الأمراض في أتلانتا، والدكتور ايرين ميرز(كيت وينسلت) في قسم مخابرات الأوبئة، التي تحاول بدورها تتبع كيفية انتشار المرض من بقعة الانتشار الاولى، ثم الدكتور ليونورا اورانتيس(ماريون كوتيار) التي تعمل كمحققة في منظمة الصحة العالمية في جنيف، والثلاثة يعملون معا في تحالف طبي مع الدكتور جنيفر هيكسكول، كما انهم يتسابقون متسلحين بالصبر والمثابرة لتحضير مصل (مطعوم) فعال لمواجهة العدوى القاتلة، هكذا يركب سودربيرغ قصته الدرامية الشيقة، وهو ينحى باسلوبه السينمائي نهجا علميا جديا، متجنبا الحديث عن منافع الفيروسات وعشوائية بعض اللقاحات، ولكنه ينجح تماما بارباكنا عندما يشير بمجاز ودهاء لنظريات المؤامرة والدهاء السياسي وكذلك علاقات الحكومات العالمية المتنفذة مع شركات الأدوية العالمية الكبرى، تلك التي تشجع بسرية انتشار الفيروسات، لتجني الأرباح الطائلة.
يلعب الأدوار الرئيسية بهذا الفيلم مجموعة من الممثلين المشهورين منهم (مات ديمون) و(جود لو) و(غوينيث بالترو).
أما السؤال الجدلي هنا، فيتعلق بأهمية حذرنا من كافة حالات الاتصال البشري (الآمن والغير آمن)، وكيف يمكن تفسير تعايش سكان الدول البائسة (المكتظة بالسكان)، والتي تعاني من انعدام الظروف الصحية الضرورية، وكيف يتعايشون يوميا مع شتى حالات العدوى؟ فهل تلعب المناعة الطبيعية دورا هنا؟ وهل هناك فرق بين مناعة الأغنياء والفقراء؟ أسئلة لم ينجح المخرج بالتطرق لها او ربما تحتاج لفيلم جديد (مثير للجدل).
*باحث وناقد سينمائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى