نوافذ سينمائية

مشاعر صادقة خلف قناع دورثي…(Tootsie)

مرتضى فاضل

من النادر أن تصادف وجود شخصيتين يؤديها ممثل واحد باتقان في فيلم واحد لان ذلك سيشكل صعوبة بالغة بالنسبة لاداء دورين مختلفين، فهنالك من يتقن كل تفاصيل الشخصية لإبراز قوة الفنان وحضوره لكن ماذا عن اداء شخصيتين بكل حِرفية ومهارة؟ هذا ما حصل في فيلم (توتسي) الذي قدم فيه (داستن هوفمان) اجمل دور وفيلم في حقبة الثمانينيات على الاطلاق.
(مايكل دورسي) و(المرأة دورثي) هما شخصيتان قام (داستن هوفمان) بتقديمها للجمهور بدون ان يشعر ان تلك المرأة (دورثي) هي نفسها شخصية الرجل (مايكل). الفيلم كان يمثل حياة الفنان (مايكل) الذي طالما يفشل في الادوار التي تعطى له وأدى ذلك الى افلاسه، وفي ذات الوقت كان يريد ان ينشأ مسرحية خاصة به لكنه لايملك المال، فهناك صعوبة بالغة في ان تجني الاموال وانت لا تملك عملا، حسنآ ماذا سيفعل؟ قرر ان يكون (دورثي) السيدة صعبة المِراس دائماً، والتي تذهب للمخرج (رون) الذي يبحث عن ممثلة تشابه (دورثي) ليجدها بالصدفة وهي قادمة تقدم نفسها كممثلة في مسلسل يعده. تمر الاحداث وتستمر حتى تصبح النجمة الاولى في امريكا بفضل ادائها الصعب وعصبيتها الزائدة وتصبح النجمة الاولى في المسلسل. بالعودة الى كل تفاصيل الشخصيات فقد ضم الفيلم العديد من الشخصيات كشخصية (جيف) للممثل (بيل موراي) الشاب البارد الباحث عن الحب والذي كان الصديق المفضل لـ(مايكل) أو (دورثي) وهو من ساعده في ذلك، كذلك بطلة الاوسكار في هذا الفيلم الجميلة (جيسيكا لانج) التي قدمت شخصية (جولي) المطلقة التي تبحث عن حبيب لها، و(ساندي) البائسة التي لاتعرف ماذا تفعل في حياتها والعديد ممن اضافوا كما هائلا من الجمال في تلك القصة الرائعة. لا ننسى الفضل الكبير الذي يعود للمخرج العملاق (سيدني بولاك) المخرج والممثل في الفيلم والذي رشح لجائزتي أوسكار.
يعد فيلم (توتسي) من أقوى الأفلام الكوميدية اذ يحتل المرتبة 62 بقائمة معهد الأفلام الأمريكي لأفضل 100 فيلم، وهو عبارة عن كوميديا اجتماعية تعتمد على عدد من القواعد المعروفة في السينما الكوميدية، وموضوعه مطروح وليس جديداً على أية حال، لكنه حاول ان لا يحصر الموضوع بالإطار الكوميدي فقط بل طرح عدداً من القضايا التي يعيشها أهل الفن ومن أهمها مشكلة البطالة المتفشية في الوسط الفني، وما يتعرض له الفنان من مد وجزر على مدار العام. كذلك يتعرض الفيلم لقضية غاية في الأهمية، ألا وهي العلاقة التي يمكن أن تقوم بين الممثل والشخصيات التي يجسدها، فهناك عملية تنكر مستمرة يشير إليها الفيلم في بدايته، ويبلغ هذا التنكر أقصاه عندما يتحول الممثل إلى ممثلة، حيث أن هذا التحول ليس سوى جزء من عملية التنكر المسخرة التي يعيشها أي ممثل عند انتقاله من شخصية إلى أخرى، فهناك رغبة صادقة للمخرج للارتقاء بفيلمه وتجاوز الموقف المباشر الذي يعتبر محوراً لطرح قضايا أخرى تهم الممثل وكذلك المتفرج الذي تفاعل معه بشدة. فاز الفيلم بإحدى وعشرين جائزة سينمائية وتم ترشيحه لثماني جوائز أوسكار كأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تمثيل لنجوم العمل الثلاث وأفضل سيناريو والموسيقى التصويرية، وفاز بجائزة واحدة فقط هي لأفضل ممثلة دور مساعد، كما رُشح لخمس من جوائز (الغولدن غلوب) وفاز بأفضل فيلم كوميدي وأفضل موسيقى وأفضل ممثل بدور رئيس، كما أنه فاز بجائزتين من الجمعية القومية الأمريكية لنقاد السينما ورابطة نقاد نيويورك وجائزة رابطة نقاد بوسطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى