اضاءات روائية

(غداً)…مصادفة اللقاءات بأختلاف الازمنة

عدسة الفن – نرمين فرحان

ماذا لو كان الشخص الذي انت ماضيه هو بالنسبة لك يمثل المستقبل؟ التقاء الامس بالغد امر محال ولكن اذا شاء الحب لايمكن للقدر الا ان يستجيب. ماذا يفعل المرء حينما يكون ضحية لواقع او لعبة زمنية غريبة تمزج الماضي بالمستقبل لتبين لنا ان الحب هو الدافع لبقاءنا وهو يمثل نفس الدافع للتلاشي؟

(غداً) هي رواية للكاتب الفرنسي (غيوم ميسو) نُشرت عام 2013، وهي الرواية العاشرة له. ولد الكاتب في السادس من حزيران عام 1974 في فرنسا، وهو اليوم واحدة من أشهر مؤلفيها، وتحتل كتبه قوائم أفضل المبيعات هذه الأيام.
تدور احداث الرواية حول (ايما) وهي فتاة في الثانية والثلاثين من عمرها، تعيش في نيويورك ما زالت تبحث عن رجل حياتها. يقيم (ماتيو) في بوسطن، فقدَ زوجته في حادث سير مروّع وهو يربّي ابنته الصغيرة لوحده. تعارفا عبر الإنترنت ورغبا في اللقاء، تواعدا في مطعم وفي اليوم نفسه وفي الساعة نفسها، دفع كلّ منهما من جهته باب المطعم، واقتيدا إلى الطاولة نفسها ومع ذلك سوف لن يلتقيا أبداً! أهي لعبة أكاذيب؟ أهو استيهام أحدهما؟ أم مراوغة من الآخر؟ سوف يدرك (ماتيو) و(إيما) سريعاً أنّهما ضحيتان لواقعٍ تجاوزهما وأن الأمر لا يتعلّق بمجرّد موعدٍ تمّ التخلّف عنه. تتداخل الأحداث وتتشابه لدرجة التعقيد، بعد تعرفهما إلى بعضهما، وتقع حوادث غير مألوفة ومتوقعة أبداً، فعندما يخيب أملهما باللقاء ببعضهما في المطعم يتخاصمان، إلى أن يكتشفا الحقيقة، في أن السبب الذي كان وراء ذلك هو الزمن فلكل منهما زمنه الخاص به، ” كنا في شهر كانون الاول من عام 2010، لم يكن بوسعها أن تتواصل مع رجل يعيش في شهر كانون الاول من عام 2011″، بعد ذلك يطلب (ماتيو) من (إيما) من خلال الرسائل التي يرسلها إليها عبر البريد الإلكتروني أن تعيد زوجته إلى الحياة لجمع الأم مع ابنتها ثانية، وتصبح القضية مصيرية بالنسبة لـ(إيما)، وتبدأ رحلة البحث عن ملابسات حياتهما معاً (ماتيو- كيت)، وبالعودة إلى الملفات القديمة للزوجة تكشف الحقيقية كاملة، ويتبين لها أن زوجته كانت تحب رجلاً آخر منذ أن كانت في الثالثة عشرة من عمرها، وتبين أن هذا الرجل يعاني من قصور في قلبه منذ ولادته، ويحتاج إلى تغيير دمه، ولم تجد إلا في (ماتيو) زوجها الجديد الشخص المناسب لذلك، فزمرة دمهما متطابقة، ويستطيع التبرع بدمه وقلبه له، انه تفكير حقيقي حول الزمن وحول مايمكننا ان نفعل به، انه عمل مبهر مكتوب بذكاء حاد ترفع له القبعة، وهي تمثل رواية نفسانية مثيرة تتزلج ببراعة على ماهو رقمي وعلى الزمان والمكان.
يتبين لنا عند قراءة هذه الرواية ان مانراه لايمثل الحقيقة دائماً، واننا في الغالب نعطي أعوام حياتنا لأشخاص هم لايستحقون منها لحظة، ففي الحب الكل يمثل الضحية والجاني في نفس اللعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى