سيرة فنان

شون كونري…اسطورة الفن الجميل وسيد الادوار الملهمة

بشرى نجم الدين

بالرغم من اعتزاله الا ان نجمه لا يزال ساطعا في سماء هوليوود، تميز بسحره وصوته ولكنته التي لا تنسى، كما عرف بتقمص ادواره ببراعة وبكامل إحساسه ومشاعره، متنقلا بين الجدية والرومانسية والارستقراطية والفروسية، اجاد اداء شخصية (جيمس بوند) بكل دقة واحترافية ليكون علامة بارزة في تاريخ المؤدين لهذه الشخصية. السير (شون كونري) نجم سيرة فنان لهذا الاسبوع.

نشأته
ولد سير (توماس شون كونري) في 25 آب عام 1930 في ادنبرة / اسكتلندا لوالدين فقيرين من ايرلنديين . عاش في حي تملؤه رائحة المطاط والجعة، كان ينام في درج الدولاب عندما كان طفلاً رضيعاً لأن والديه لم يستطيعا تحمل تكاليف شراء مهدٍ له، كبر في الشوارع وهو يلعب كرة القدم مع أولاد الحي وفي اعوام عمره الأولى كان يُلقّب بـ(تام الضخم) نظرا لبنية جسده العضلية وقدرته على التغلب على أصدقائه. تلقى تعليمه في المرحلة الابتدائية في مدرسة (تولكروس)، وكان جيداً في الرياضيات ولديه اهتمام كبير في القراءة، وقد اعتاد الذهاب إلى الصيد مع أخيه وكان يتغيب عن المدرسة من أجل القيام بأنشطة مسلية خارجة عن الروتين، في عمر الـ(13) تخلى عن المدرسة من أجل كسب المال لعائلته، وحصل على عملٍ بصفة بائع حليب في مدينة إدنبرة. بعد ثلاث اعوام انضمّ للقوات البحرية الملكية، ولكن فُصل بعد فترة لأسباب طبية متعلقة بقرحة المعدة التي عانى منها وعند عودته عمل بصفة سائق شاحنة وعامل بناء ومنقذ وملمّع توابيت. هذه المهن جعلت منه شخصا صلبا وخشنا مما أهله ليكون واحداً من نجوم كمال الأجسام في تلك الفترة وفوزه بالعديد من الجوائز، استغل وسامته الشديدة ليصبح موديلاً لطلبة الفنون، وفي عام 1953 خاض مسابقة ذكورية اسمها (سيد الكون)، وحقق فيها المركز الثالث. خطفت جاذبية (كونري) الانظار فقد كانت له بصمة مميزة في الاناقة والجاذبية فتم اختياره للقب أكثر الرجال جاذبيةً على قيد الحياة في عام 1989، وحصل على لقب أكثر الرجال جاذبية لهذا القرن من قبل مجلة بيبول في عام 1999، وذات العام تلقى جائزةً من حفل مركز كينيدي للجوائز الشرفية لفئة إنجازات مدى الحياة، ومنحته الملكة إليزابيث الثانية في تموز 2000 لقب فارس.


حياته الشخصية
في تشرين الثاني عام 1962، تزوج من (ديان سيلنتو) بشكلٍ سري وهي ممثلةٌ استرالية مطلقة. حظيا بابن، (جاسون كونري) وهو أيضاً ممثل، انفصلا عام 1973، وفي عام 1975 تزوج من (ميشلين روكبرون)، وهي رسامةٌ فرنسية-مغربية كان لديهما شغفٌ مشترك تجاه رياضة الغولف ولا يزال زواجاهما مستمرا ويعيشان معا الآن في جزر البهاما التي يعشقها.
بدايته الفنية الصدفة لعبت دوراً مهماً في حياة (كونري) حيث اقترح عليه أحد منافسيه في مسابقة سيد الكون أن يتقدم لتجربة أداءٍ من أجل العمل المسرحي
(South Pacific) خاض تجربة الأداء، وتم اختياره لأداء دورٍ كأحد صبية كورس الكتيبة البحرية الأمريكية للإنشاد بعدها اصبح صديقا مع المخرج والممثل الأمريكي (روبرت هندرسون)، الذي أمّن له أدورا في مسرح (مايدا فيل) في لندن. عمل في المسلسلات التلفزيونية والأفلام من أجل كسب لقمة العيش. في عام 1957، قام بتأدية أدوارٍ ثانويةٍ في بعض الأفلام منها (No Road Back)، (Action of the Tiger)، (Time Lock). وفي عام 1958 عُرض عليه دورٌ رئيسي في فيلم
(Another Time، Another Place)،ولاحقًا في فيلم المخرج (روبرت ستيفنسون) بعنوان (Darby O’Gill and the Little People)في عام 1959، كلا الفيلمين حققا نجاحاً تاماً.


سيرته الفنية
لفت (كونري) الانظار بملامحه القوية والانيقة مما جعل زوجة المنتج الشهير (ألبرت بروكلوي) ترشحه للعب شخصية (جيمس بوند) حيث قالت لزوجها : ” إن هذا الرجل له جاذبية خاصة على الشاشة كما أنه سيكون رخيص الثمن ولن يطلب أموالا باهظة لتجسيد دور (جيمس بوند)، فقام باداء الدور ليقدم أول أفلام السلسلة الشهيرة بعنوان (Dr. No) مع المخرج (تيرنس يونج)، والذي حقق وقتها إيرادات بلغت 1.1 مليون دولار. حينها بدأ نجمه يسطع ولم يتوقف عن اداء ادوار (بوند) بل استمر ليؤدي دور البطولة في سبعةٍ من أفلام بوند وهي (Dr. No) عام 1962، (From Russia with Love) عام1963،(Goldfinger)عام1964،
(Thunderball) عام 1965، (You Only Live Twice) عام 1967، (Diamonds Are Forever)عام 1971،وفيلم (Never Say Never Again) عام 1983.


بعدها شارك في اعمال لا حصر لها وحاول الخروج من هيمنة شخصية (جيمس بوند) بعدة افلام تنوعت بين الخيال العلمي والرومانسية وعالم العصابات مثل (Zardoz) عام 1974، وفيلم الجريمة والاثارة (Murder on the Orient Express) المستند الى رواية لـ(اجاثا كريستي) بنفس العنوان، وفي عام 1975 شارك البطولة مع كل من (مايكل كين) و(كريستوفر بلامر) في فيلم (The Man Who Would Be King) والفيلم السياسي (The Next Man) ومع تقدمه في العمر بدأ يتحرك في أدوار معينة تناسب عمره حتى وصل إلى الأدوار الثانوية في الثمانينيات مع احتفاظه بوسامته وصحته ليواصل أدواره البارعة، ففي عام 1981 شارك في فيلم الخيال العلمي (Time Bandits)، (Five Days One Summer) ذي الطابع الرومانسي والدرامي عام 1982، وشارك في فيلم الدراما والغموض
(The Name of the Rose) اما الفيلم الذي اكسبه جائزة الاوسكار الوحيدة فكان عام 1978 عن فيلم (The Untouchables) وفي عام 1990 شارك مع مجموعة من النجوم فيلم الدراما والاثارة (The Hunt for Red October) اما في عام 1995 فقد ادى واحد من اروع ادواره في فيلم (First Knight)

بدور سير (ارثر) من كاميلوت، وكانت اخر اعماله الفنية عام 2003 فيلم (The League of Extraordinary Gentlemen) انقطع بعدها عن التمثيل حتى عام 2012 حين شارك بصوته لشخصية سير (بيل) في فيلم الانيميشن (Sir Billi) الذي اصبح ختام مسيرة كونري الفنية. قال عنه سبيلبرغ :” شون كونري ليس مثل أي ممثل آخر، فهو أسطورة حقيقية من أستكلندا، لأنه نوع من الرجال يحبه الجميع وتعشقه النساء خاصة، وهو غير منافق، فهو نجم سيخلده التاريخ”.


الجوائز والترشيحات
في جعبته الكثير من الجوائز والألقاب أهمها جائزة الأوسكار لفئة أفضل ممثلٍ مساعد لقاء أدائه في (The Untouchables) عام 1987، وجائزة إنجازات مدى الحياة من أكاديمية الخيال العلمي والفانتازيا وأفلام الرعب الأمريكية في عام 1995. وقد حصل على ثلاث جوائز غولدن غلوب وجائزتي بافتا.
اشهر اقواله
*قد لا يجعل الحب العالم يدور، ولكن يجب أن أعترف أنّه يجعل الرحلة تستحق العناء.
*ليس هناك شيءٌ مثل التحدي ليُظهر أفضل ما في الرجل.
*البعض يكبر في السن، والبعض الآخر يغدون ناضجين.
السير (شون كونري) وجه برز من ايرلندا ومن احيائها الصعبة المعيشة وأَسَر قلوب النساء بحضوره واناقته وشخصيته ووسامته واثبت انه الاب الروحي للسينما واسهم في تغيير ملامح هوليوود، تقدمه في العمر لم يقدر على اخماد سحره وابداعه، كل ما قدمه جعله يستحق لقب فارس السينما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى