نوافذ سينمائية

حدائق الخريف…فيلم فرنسي فائق السخرية والمدلول والطرافة

مهند النابلسي/الاردن*

(فينسنت) وزير متنفذ، ويحتفظ ببعض الوسامة واللياقة البدنية وهو في منتصف العمر، يعشق الطعام والنبيذ كأي فرنسي، أما زوجته (اوديلي) فهي شابة جميلة، ذكية ومتطلبة، وتحب المظاهر الباذخة، وتتميز بالنزق وقلة الاخلاص، لذا تتخلى عنه بعد ان يفقد وظيفته كوزير، اما (تيودور) الوزير الجديد متعلق بوالدته المسنة، وفور استلامه للوظيفة الجديدة يقوم بتغيير كل شيء في مكتب الوزارة من الأثاث وصولا للهاتف ومنافض السجائر، فهل سيبقى طويلا في منصبه الوزاري الجديد؟
نرى (فينست) غير متأثر بفقدانه لوظيفته، بل يبدو وكانه بدأ بالعيش الحقيقي، ليتحول برغبته لمتشرد ثري، عاشق للحياة والعلاقات، وفي النهاية يلتقي (فينسنت) مع (تيودور) بعد ان يفقد هو الاخر وظيفته، ثم على غير المتوقع لا يتشمت فيه بل يتعاطف معه. هذا الفيلم الطريف هو من اخراج (اوتار اوسوليني) ومن انتاج 2006، وهو نفسه واضع السيناريو. والفيلم من بطولة كل من (سيفران بلانشيت)، (جيسنشي جاكيت)، و(اوتار اوسليني)، كما يقوم الممثل القدير (ميشيل بيكولي) بدور (ماري) والدة البطل، اما منهجية الاخراج فهي شيقة وكوميدية وتحفل بالسخرية التلقائية، وتبدو كحلقة مغلقة، حيث تتكرر فيها الأحداث الطريفة مرارا بصورة متجددة لافتة، ونجد بالتوازي انه فيما تسيطر العشيقة المتطلبة على الوزير القديم، تسيطر عقدة الام على الوزير الجديد التائه.
يتحدث الشريط عن عبثية الحياة منذ اللقطات الاولى، كما تبدو جميع الشخصيات في هذا الشريط وكأنها تعرف بعضها البعض بشكل او بآخر.
الفيلم يعكس سخرية الحياة ومفارقاتها العجيبة، كما يكشف بيروقراطية الوزراء وسخافاتهم وتعاليهم أثناء تواجدهم بوظائفهم، ثم يكشف حقيقتهم وبساطتهم عندما يفقدون مناصبهم، فكان فيلم بنكهة طريفة مشوقة، مع بعض السمات السيريالية اللافتة، الفيلم قدم تصوير حيوي جذاب لمهازل حياتية عملية، وسكتشات هزلية مترابطة مع حوارات ارتجالية، فالمخرج يقتبس من سيريالية (بونويل) واحيانا من واقعية (فيلليتي) ليقدم كوميديا معبرة وتهريج سينمائي رفيع المستوى.
*باحث وناقد سينمائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى