سيرة فنان

جاك نيكلسون…صديق الاوسكار وصاحب الشخصيات الثائرة

نور الدين الموسوي

عرفه الجمهور بالرجل الذي حلّق فوق عش المجانين، مميز بابتسامته المخيفة وملامح وجهه القوية ونظراته الغامضة، اصبح بفضل ادائه لا يخرج من حفل الاكاديمية الا ومعه الاوسكار، لم يكتف بتقديم شخصيات عادية، بل قدم ادوار السخرية والشر الاسود والغموض مما جعل متابعيه لا يستطيعون تصنيف شخصيته الحقيقية، انه ببساطة ظاهرة سينمائية لن يكررها الزمن.

ولادته
ولِدَ جاك جوزيف نيكلسون في نبتون بولاية نيو جيرسي بتاريخ 22 نيسان 1937، ونشأ في مدينة ماناسكوان في ذات الولاية. كان يعتقد أن والده هو (جون) الذي كان يعمل مزين نافذة لقسم في متجر، ووالدته (إثيل ماي نيكلسون) التي كانت مصففة للشعر وكذلك رسامة لوحات زيتية موهوبة، اما (جوني نيكلسون) يعتقد أنها كانت أخته، ممثلة طموحة توفيَت بمرض السرطان عام 1963 عندما كان عمر جاك 26 عاماً، وبعد أكثر من عقد على وفاتها، وتحديدا في عام 1974، اكتشف مراسل مجلة (TIME) أثناء قيامه ببحث حول (جاك نيكسلون) معلومات صادمة عن تاريخه، فقد كانت (جوني) والدته في الواقع، أما (جون) و(إثيل) فكانا جديه لأمه، (جوني) أنجبت (جاك) عندما كان عمرها 17 عام، دون أن تكون قادرة على التأكد من هوية الأب، وقد وافق والداها على معاملة (نيكلسون) كطفلهما الخاص، ولم يكشفا له عن نسبه الحقيقي، وفيما بعد ادعى أحد أصدقاء (جوني) السابقين، وهو (دون فورسيلو روز)، أنه الأب، لكن (نيكلسون) قرر عدم إجراء اختبار الأبوة.


يقول نيكلسون عن اكتشاف سر عائلته: ” أود القول إن هذا حدث دراماتيكي جدا، لكنه لم يكن ما أسميه بالصدمة النفسية، بعد كل شيء، عندما اكتشفت من تكون والدتي، كنت مؤهِلا نفسيا بشكل جيد، وفي الواقع جعلت بعض الأشياء أكثر وضوحا بالنسبة لي، والشيء الوحيد الذي شعرت به هو الامتنان”.
درس نيكلسون في مدرسة ماناسكوان الثانوية بالرغم من أن درجاته كانت جيدة بما فيه الكفاية للحصول على منحة دراسية جزئية، لكنه لم يكن مهتما بالدراسة الجامعية، وذكر قائلا: ” لم أكن مليئا برغبة كبيرة في صنع شيء من نفسي في تلك الأيام، ومنذ أن كان عمري 16 عاماً فقط، حَسِبتُ أن لدي الكثير من الوقت للذهاب إلى الكلية في وقت لاحق لذلك ظللت أتسكع في نيوجرسي لمدة عام تقريبا، وجنيت القليل من المال في مضمار السباق، وعملت منقذ سباحة على الشاطئ في أحد فصول الصيف”.


في عام 1954، انتقل نيكلسون إلى لوس أنجلوس في كاليفورنيا وهناك عَمِلَ بدوام جزئي في متجر ألعاب، وأيضا أعطِيَ وظيفة كمستَخدَم لقسم الرسوم المتحركة في استوديوهات شركة (MGM Studios).
ومع مرور الوقت، نضج (نيكلسون) وتحول إلى شاب جذاب ونحيف، تماما كنمط الرجال في أفلام هوليوود في ذلك الوقت، وفي أحد الأيام لاحظ أحد المنتجين في الشركة واسمه (جو باستيرناك) مظهره الجيد، وقدم له مكاناً في صفوف التمثيل لدى جيف كوري الشهير (Jeff Corey)، إضافة إلى التدريب في مسرح (The Players Ring).

حياته الشخصية
تزوج (نيكلسون) من الممثلة (ساندرا نايت) عام 1962، ورزقا بابنة هي (جنيفر)، ولكنهما تطلقا في عام 1968، بعد ذلك دخل في علاقة لمدة 20 عاما مع الممثلة (أنجيليكا هيوستون)، ولكنها انتهت عندما أقام (نيكلسون) علاقة مع عارضة جميلة تدعى (ريبيكا بروسارد) ورغم عدم زواجه من (بروساد) ولكن لديهما طفلان.
سيرته الفنية
قدم (جاك نيكلسون) أول فيلم له في عام 1958، وهو فيلم إجرامي منخفض الميزانية اسمه (Cry Baby Killer)، ولعب دور مراهق يملك اعتقادا خاطئا أنه ارتكب جريمة قتل، وخلال الستينيات. واصل الظهور في معظم أفلام الرعب ذات الميزانية المنخفضة، وبعد دور صغير في عام 1960 في الكوميديا السوداء (Little Shop of Horros) ظهر نيكلسون في كل من
(The Terror)، (Back Door to Hell) (Ride in the Whirlwind) و (The Shooting).


قدم (نيكلسون) أداء مفاجئا وجيدا في دور المحامي الجنوبي المدمن للكحول (جورج هانسون) في الفيلم الكلاسيكي (Easy Rider) ليرُشِح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد لأدائه فيه مما ساهم في تطوير أدائه وأدواره في الأعمال اللاحقة.
في عام 1970 تألق (نيكلسون) في فيلم (Five Easy Pieces) وكانت ضربة مفاجئة حينما لعب دور موسيقي عبقري، والنتيجة ترشيحه لجائزة الأوسكار مرة أخرى لأدائه، وهذه المرة لأفضل ممثل، وكان أداؤه التالي الممتاز هو دوره كضابط صغير ووضيع في البحرية الأمريكية في فيلم الكوميديا السوداء (The Last Detail) عام 1973، ليستمر ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل.
قدم (نيكلسون) دورا يعد من بين الأكثر شهرة في مسيرته، عندما شارك في رائعة المخرج رومان بولانسكي (Chinatown) وقد لعب دور محقق خاص يدعى (جيك جيتس)، وكان دوره غاية في التعقيد، ورشح عنه إلى جائزة الأوسكار، لكنه لم يفز بها، ليحصل اخيرا على أول جائزة أوسكار لأفضل ممثل عن دوره في فيلم (One Flew Over the Cuckoo’s Nest) عام 1975، يقتبس الفيلم حكايته من رواية (كين كيسي) التي تحمل ذات العنوان، والتي تروي قصة أحد المدانين الذي يرسل إلى مصح عقلي، حيث يحاول الممرضون هناك إخماد روحه الثائرة.


في عام 1980 قدم (نيكلسون) أداء خارقا واستثنائيا عندما أدى دور خادم مختل في إحدى الفنادق في فيلم (The Shining) خلال الثمانينيات ابتعد (نيكلسون) إلى حد كبير عن الأدوار الجدية التي أكسبته الشهرة لصالح عروض هزلية أكثر غرابة، ومع ذلك فقد قام بالعديد من العروض الرائعة خلال هذا العقد، وشارك في أفلام عدة من بينها فيلم (Reds) عام 1981، والذي فاز فيه بجائزة أوسكار لأفضل ممثل مساعد، وكذلك أدى دور الجوكر في فيلم (Batman) عام 1989.
عاد (نيكلسون) إلى القمة في التسعينيات واشترك في عدد من الأفلام الجميلة مثل (A Few Good Men) عام 1992 و (AS Good As It Gets) عام 1997، الذي فاز فيه بجائزة الأوسكار الثالثة لأفضل ممثل لادائه دور كاتب بغيض.
استمرت أفلامه في نيل الإعجاب والتقدير وفي مقدمتها (Anger Management)عام 2003 و (Something’s Gotta Give)
عام 2003 و(The Departed) عام 2006، اما اخر افلامه كان عام 2010 وهو فيلم (How Do You Know).


رغم وجود اعلان عن نية صنع فيلم جديد بعنوان (Toni Erdmann) فالتقارير الاخيرة عام 2013 افادت بأن (نيكلسون) تقاعد عن التمثيل في عمر الـ 76، اذ تداولت الاقاويل إن الممثل الأسطوري لديه مشاكل في الذاكرة ولا يمكنه أن يتذكر السطور التي تُطلَب منه، ولم يصدر أي تعليق رسمي منه بشأن هذه المسألة.


الجوائز والتكريمات
هو أكثر الممثلين الذكور حصولاً على جائزة الأوسكار في التاريخ التي رشح لها 12 مرة وفاز بها 3 مرات، والأدوار التي حصل بها على الجائزة هي جائزة أفضل ممثل رئيس مرتين، في عام 1975 عن دوره في
(One Flew Over the Cuckoo’s Nest)
وعام 1997 في فيلم
(AS Good As It Gets)
وجائزة أفضل ممثل ثانوي عام 1983 عن دوره في فيلم (Terms of Endearment)، وقد حصل على جائزة الغولدن غلوب 6 مرات.


اسلوبه الفني
(جاك نيكلسون) هو بلا شك أحد أعظم الممثلين في زمنه، بالإضافة إلى الرصيد الكبير من الأدوار العظيمة، كان أدائه للشخصيات مقنعا بشكل لا يصدق، كما أن شخصيات (نيكلسون) الواسعة والمتنوعة جعلت منه واحدا من أكثر الممثلين الغامضين في جيله، حيث حاولت الجماهير معرفة أي من الشخصيات المختلفة الكثيرة التي رأوه فيها أقرب إلى شخصه الحقيقي، لكن ذلك لم يُجد نفعا، ليعلق نيكلسون قائلاً: ” لا أحد منهم وكل منهم، أفترض أن هناك قليلا مني في كل جزء العبه، كممثل لا يمكنك أن تدخِل نفسك في الشخصية، وخاصة إذا كنت تحب التمثيل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى