مسرح

(بيت الدمية)…مسرحية كشف الانفس والبحث عن الذات

عدسة الفن – سوسن مهدي        العدد:49

عندما غادرت نورا بيتها التي كانت تعامل فيه كدمية وصفقت الباب ورائها، فهي لم تترك زوجها واطفالها فقط وانما تركت الكثير من المعتقدات التي قيدتها، فمن خطأ صغير قامت به استطاعت ان تكتشف ان حياتها كلها غلطة، فسارعت لتصحيحها”

 

كتب النرويجي (هنريك إبسن) الذي يعتبر أفضل كاتب مسرحي بعد شكسبير، مسرحيته (A Doll’s House) عام 1879، حيث دفعه نجاحه في هذا العمل، إلى تقديم المزيد والمزيد من قناعاته وأفكاره في الدراما التي كانت محور الجدل في أوروبا لزمن طويل. تعتبر مسرحية (بيت الدمى) نقطة التحول فى كتابة المسرحية الحديثة، لأن (إبسن) خرج بها على القاعدة المأثورة فى بناء المسرحية المحكمة، كما لم تحظ الكثير من المسرحيات على المستوى العالمي بمثل التأثير في العادات والتقاليد الاجتماعية الذي حققته، اذ تصور المسرحية أشخاص من الطبقة الوسطى في زمانه، أنقلبت حياتهم فجأة رأساً على عقب وأصبحوا يواجهون أزمة عميقة في حياتهم. بطلة المسرحية (نورا هيلمر) التي تكافح من أجل الحصول على حريتها من بيت زوجها (تورفالد) للتخلص من دور (الدمية) فيه، كان تصوير (إبسن) للعادات والتقاليد الزوجية في القرن 19 مثيراً للجدل عندما عرضت المسرحية لأول مرة، ولكن سرعان ما تحولت هذه الشخصية إلى رمزٍ هام في جميع أنحاء العالم للمرأة المكافحة. تم عرض مسرحية (بيت الدمية) لأول مرة على المسرح الملكي في كوبنهاجن عام 1879، وقد تم تسجيل مخطوطات (بيت الدمية) والتي وقّعها (إبسون)، في سِجِلّ ذاكرة العالم التابع لليونيسكو، وذلك في عام 2011، وتعتبر اكثر المسرحيات تمثيلاً في الاعوام الاخيرة.
تبدو أحداث المسرحية للوهلة الأولى عادية فالزوجة والأم الشابة(نورا هيملت)، تعيش حياة تقليدية ضمن الدور المرسوم لها، فهي المرأة اللطيفة الوديعة المحبة الضعيفة، التي بحاجة إلى حماية زوجها (تورفالد)، ترتكب (نورا) خطأ لم تحسب عواقبه، اذ قامت بتزوير توقيع والدها على سند نقدي لحل ازمة زوجها الصحية والمادية، ولم تخبر احدا بذلك، ولا يكتشف الامر حتى يقوم زوجها بطرد احد موظفي البنك وهو (كروغستاد) الذي يهدد (نورا) بكشف جريمتها اذا لم يقم زوجها باعادته للوظيفة، وهكذا تنهار(نورا) وتفكر في الانتحار مرات عديدة، إذ تقرر ان تضحي بنفسها كي تجنب زوجها الفضيحة، وقبل أن تتاح لها الفرصة لتنفيذ غايتها، يكتشف (تورفالد) ما قامت به، فيعتبرها خائنة ويتهمها بقلة الخلق وانعدام القيم، وبأنها مصدر الفضيحة التي ستدمر مكانته وحياته، ثم يأمرها بترك البيت كونها ليست بأم تؤتمن على تربية أبنائها. فجعت نورا بردة فعله، واثناء ذلك تصل رسالة تخبره بانه (كروغستاد) تنازل عن تهديده وهنا تبدل موقفه فيخبرها انه سامحها، لكن لم تستطع نورا استيعاب هذا التناقض، وهي التي كانت تتوقع وقوفه إلى جانبها وتقديره لتضحيتها من أجله. وما كان منها الا ان تترك عائلتها بحثاً عن ذاتها.
تم تغيير نهاية المسرحية بنهاية بديلة عندما عرضت في دول اخرى وذلك لان البعض قد لا يتقبل فكرة خروج المرأة عن دورها ويعتبر ان المسرحية خروجاً عن العادات والتقاليد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى