إبن الانسان…فضولنا لرؤية المخفي أم خطايانا المستمرة؟
سيف علي العدد:51
لوحة (إبن الانسان) واحدة من اشهر اعمال الفنان البلجيكي (رينيه فرانسوا ماغريت) 1964، اللوحة ببساطة يتوسطها رجل يبدو رجلاً عصرياً ومتمدناً، يعتمر قبعة سوداء مستديرة ومعطفا أسوداً وربطة عنق حمراء، ويقف امام جدار ومن خلفه بحر وسماء ملبدة بالسحب لكن ما يلفت الانتباه معالم وجه الرجل التي حجبت عنا بتفاحة خضراء، وقبل ان ندخل بتفاصيل اللوحة الغريبة لنتعرف على رسامها. ولد الفنان (رينيه فرانسوا ماغريت) في بلجيكا عام 1898، درس الرسم في بروكسل وتميز في اعماله منذ البداية بأسلوبه السريالي المميز وقد اشتهر ببعض أعماله التي استخدم فيها عناصر عادية في سياق غير مألوف لتعطي في النهاية معان جديدة حتى اصبح رائداً بهذا الاتجاه في الرسم والذي أطلق عليه بـ(الواقعية السحرية). لقد إستخدم (رينيه) رسمة التفاحة في العديد من لوحاته، ويمكن فهمها حسب وظيفتها ضمن سياقات مختلفة، فالتفاحة فاكهة لكنها بنفس الوقت صورة مجازية لأشياء يرمز لها من خلالها كالجاذبية والإغراء والخطيئة أو الطرد من الجنّة. أعتقد الكثيرون ان العنوان (إبن الإنسان) قد يكون مستمداً من الإنسان الأول، أي ابونا أدم (ع)، وان المعنى الكامن في هذه الصورة للرجل الذي يبدو بلا ملامح، هو أن خطيئة آدم مستمرّة، فهو قد أكل الفاكهة المحرّمة، وابنه قابيل قتل أخاه هابيل، وهكذا. أما البدلة الحديثة التي تجذب النظر اليها فربما تشير إلى أن الخطيئة سافرت عبر العصور بواسطة البشر لتصل إلى عصرنا بحيث لا يمكن الهروب منها وستظلّ هناك أمام وجوهنا تذكّرنا نحن أبناء الإنسان بخطيئة أجدادنا. يقول (ماغريت) محاولا مساعدة الناس على فهم هذه اللوحة رغم انه ينفر من التفاسير التي توضع وبالتالي تزيل غموض لوحاته، فيقول: “كل شئ نراه يخفي خلفه شيئا آخر، والإنسان يتوق على الدوام إلى رؤية ما يختفي وراء ما يراه”. هذه اللوحة حاليا ملك خاص وليست معروضة في أي متحف أو مؤسسة.