اضاءات روائية

(أوليفر تويست)…رمز الطفولة البائسة وضحية المجتمع الفاسد

عدسة الفن – فاطمة احمد/ سوريا – العدد 55

بأسلوب شيق وبسياق أدبي مميز، جاءت قصة (أوليفر تويست) الحافلة بالصور البلاغية المميزة والمفاجآت والمغامرات التي تشد القارئ الناشئ إلى متابعة سير أحداثها بشوق وشغف. لتضعنا في حالة تعاطف كبير مع الطفل الصغير (أوليفر) بسبب ظلم الحياة التي عاشها و ظلم من حوله عليه.
(أوليفر تويست) هي الرواية الثانية للمؤلف الإنجليزي (تشارلز جون هوفام ديكنز) (1812 _ 1870) وهو روائي إنجليزي، يُعدّ بإجماع النُّقّاد أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفكتوري، مازالت أعماله تحتفظ بشعبيتها حتى يومنا هذا، تم نشر الرواية لأول مرة عام 1838 في صورة سلسلة مجزئة لأنها كانت تعتبر رواية طويلة في ذلك الوقت الذي اعتاد فيه الناس على الروايات القصيرة.
تعد رواية (أوليفر تويست) من اعظم الروايات في تاريخ الأدب فقد استطاع تشارليز دكينز أن يجعل القراء يعيشون أحداث الرواية بسبب أسلوبه الفريد وصوره الرائعة.
تبدأ أحداث الرواية في إصلاحية للأحداث، عندما ولدت امرأة طفلاً هزيلاً شاحب اللون يتأرجح بين الموت والحياة وبعد ان أبدى الصغير تمسكه بالحياة وفي اللحظة التي وضع فيها يديه في يدي أمه أعلنت عن مفارقتها للحياة، وهكذا كانت ولادة أوليفر تويست بطل الرواية ليكبر في الإصلاحية جاهلاً أي شيء عن والديه، تتوالى الأحداث بعدها ليتم اختيار (اوليفر) في يوم من الايام نيابة عن رفاقه لطلب المزيد من الطعام ولكنه ضُرِبَ بعنف أمام الجميع وعومل بقسوة لجرأته تلك ثم سجن، وفي اليوم التالي عُلِقت لافتة على الباب تعلن عن مكافأة خمس جنيهات لمن يأخذ (أوليفر تويست) من الإصلاحية، تتوالى الأحداث ليهرب أوليفر إلى لندن مشيا على قدميه، فقابل في رحلته (جاك دوكنز) الذي يعمل لحساب (فاجن) وهو رئيس عصابة تستغل الأطفال في النشل مقابل إطعامهم وإيوائهم حيث قاموا بإخراج أوليفر معهم لتعليمه سرقة الكتب ونشل المناديل، إلا أن أوليفر يتورط في عملية سرقة ظُلماً حيث يهرب الأطفال بالغنيمة وتمسك الشرطة بـ(اوليفر) لتأخذه للقسم إلا أن لحظة نطق القاضي بالحكم أكد صاحب محل الكتب الذي كان يشتري منه السيد (بروان لو) لحظة السرقة أن (أوليفر) لم يكن هو السارق، ويغشى على الصبي فيأخذه (بروان) معه ويعتني به وتبدأ الحياة السعيدة لـ(أوليفر) أثناء عيشه في منزل (براون)، إلا أن (نانسي) تقوم بحيلة وهي أن تتدعي أنه اخوها لتقوم بإعادة (أوليفر) للعمل مع العصابة حيث قرروا استغلال وجود (أوليفر) لأنه ضئيل الجسم لسرقة إحدى المنازل، لكن العملية فشلت في النهاية لأن الخادم سمع صوتهم وأطلق النار عليهم وأصاب (أوليفر) ليعتنوا به بعد ذلك، الأسرة التي رعت (اوليفر) كانت على صلة بالسيد (براون لو) الذي رعى أوليفر بعد أول حادث سرقة حضرها. ساهم (براون لو) وآخرون في كشف اللثام عن حقيقة (أوليفر) حيث اُكتِشفَ أن والده كان رجلاً ميسور الحال وأنه وقع في حب والدته ليكون أوليفر ثمرة ذلك الحب. استطاع السيد (براون لو) إرجاع جزء من إرث (أوليفر) الذي بات سعيدا بحياته الجديدة. يعتبر النقاد إن (تشارلز ديكنز) ألهم بلغته الروائية البصرية البارعة المخرجين السينمائيين منذ عقود، تاركاً بصمته الفارقة في اللغة السينمائية الحديثة، حيث تم تصوير الرواية كفيلم رسوم متحركة وفيلم سينمائي عام 2005 من اخراج (رومان بولانسكي) وبطولة (بيرني كلارك) و(بن كينجسلي).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى